كتاب جدد حياتك

فما الذى فعله رجلها ردا على هذا؟ أنشأ يكتب مذكرات يلوم فيها زوجته ويحملها تبعة الشقاق الذى يغمر بيته.
إنه أراد أن تنصفه الأجيال القادمة وتصب اللوم كله على زوجته، ولذلك عكف على الكتابة ضدها.
فماذا ترى فعلت زوجته ردا على ذلك؟ مزقت جانبا كبيرا من هذه المذكرات وأحرقته، ثم أخذت تكتب مذكرات أخرى ترد على زوجها، وتكيل له الصاع صاعين، بل إنها كتبت فى ذلك قصة بعنوان: " غلطة من؟! ").
قال " ديل كارنيجى ": (ما دوافع هذا كله؟ ولماذا أحال هذان الزوجان منزلهما إلى ما يشبه مستشفى المجانين؟ إن هناك سببا أصيلا لهذا البلاء؟ هو رغبة الزوجين كليهما فى التأثير علينا نحن الأجيال التالية.
لقد أراد كل منهما أن ننصفه، وأن نسخط على صاحبه فهل تظن أحدا منا يهتم: أيهما كان المصيب، وأيهما كان المخطئ؟ كلا، فأنا وأنت مشغولان بشئوننا الخاصة، ولسنا نملك أن نضيع دقيقة واحدة فى آل " تولستوى " الكرام.
* * *
فيا له من ثمن فادح دفعه هذان الزوجان. لقد قضيا خمسين عاما فى جحيم مقيم، دون أن يلهم أحدهما قولة "كفى"، ودون أن يفطن أحدهما إلى وجوب تقدير الأشياء بقيمتها الحقيقية فيقول لشريكه: دعنا نضع حداً لهذه الحال فى التو واللحظة، أننا نسمم حياتنا من أجل توافه لا قيمة لها).
إن أولى هدايا الرياء إلى ذويه أنهم يُسلبون نعمة القرار، وراحة البال!!
وأنهم يضحون مصالحهم الخاصة، وحاجاتهم الماسة فى سبيل استرضاء المتفرجين عليهم، والناظرين إليهم.
وربما أخذ ممثلو المسارح أجورا كبيرة على الأدوار التى يقومون بها، والروايات الضاحكة أو الباكية التى يخرجونها!!.
أما أولئك المراءون - وهم ممثلون فى غير مسرح -ـ فإنهم يدفعون من أموالهم وسعادتهم ما يظنونه ثمنا لاسترضاء الناس ونيل إعجابهم.
والناس قد يرمقون هذه الأعمال، وقد يعلقون عليها بكلمات من أطراف شفاههم، ولكنهم فى صميم أنفسهم مشغولون بمطالبهم ومآربهم.

الصفحة 84