كتاب جدد حياتك

لا تبك على فائت
يقولون: " لا جديد تحت الشمس "، وهذه كلمة تصدق على سير الحياة الإنسانية فى تاريخها الطويل، من ناحية الطباع والرغبات، والاختلاط والمنازعات، والجور والعدل، والسلم والحرب، وقيام الأمم وانهيارها، وازدهار الحضارات وانقراضها.
ولهذا الشبه الدائم فى مواكب العمران المتواصل على ظهر الأرض، والخصائص المتوارثة بين الأخلاف والأسلاف أمر الله عباده أن يستعرضوا أحداث الماضى لينتفعوا بما فيها.
فإن ما يعنى الأولين يعنى الآخرين، وما نواجهه- دهشين لجدته- قد سبق به عهد، وصدرت فيه أحكام.
وخير لنا أن نستصحب ما كان، ونحن نعالج ما يكون.
والله عز وجل يقول: (فاعتبروا يا أولي الأبصار).
والبصر الذى ينفذ فى أعماق الماضى يستقرئ أنباءه، ويتعرف مواعظه، ويتزود من تجارب السابقين بذخر يجنبه الزلل، هو البصر المؤمن الحصيف.
وفى هذا يقول الحق جل اسمه: (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور).
وفى القرآن الكريم قصص كثيرة خلد الله فيه أحوال القرون الغابرة، ومصاير الأتقياء والفجار، وصراع الخير والشر، ووضع ذلك كله بين أيدينا لنتوسم ونتدبر:
(لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون).

الصفحة 86