كتاب جدد حياتك

قيمة العمل، بل قيمة صاحب العمل ترتبط ارتباطا وثيقا بحقيقة الأفكار التى تدور فى الذهن، والمشاعر التى تعتمل فى النفس، قال " ديل كارنيجى ": (إن أفكارنا هى التى تصنعنا، واتجاهنا الذهنى هو العامل الأول في تقرير مصايرنا، ولذلك يتساءل "إيمسون ": نبئنى ما يدور فى ذهن الرجل أنبئك أى رجل هو. نعم، فكيف يكون الرجل شيئا آخر غير ما يدل عليه تفكيره؟ واعتقادى الجازم أن المشكلة التى تواجهنا هى: كيف نختار الأفكار الصائبة السديدة؟ فإذا انحلت هذه المشكلة انحلت بعدها سائر مشكلاتنا واحدة إثر أخرى. قال الإمبراطور الرومانى " ماركوس أورليوس ": إن حياتنا من صنع أفكارنا.
فإذا نحن ساورتنا أفكار سعيدة كنا سعداء، وإذا تملكتنا أفكار شقية غدونا أشقياء، وإذا خامرتنا أفكار مزعجة تحولنا خائفين جبناء، وإذا تغلبت علينا هواجس السقم والمرض فالأغلب أن نبيت مرضى سقماء، وهكذا).
* * *
إن أحدا لا يستطيع إنكار ما للروح المعنوى من أثر باهر لدى الأفراد والجماعات.
فالجيوش التى يحسن بلاؤها وتعظم بسالتها إنما تستمد طول مقاومتها من رسوخ العقيدة وقوة الصبر، أكثر مما تستمده من وفرة السلاح والعتاد.
فذخيرة الخلق المتين والمسلك العالى أجدى على أصحابها وأكسب للنصر من أى شىء آخر.
والرجل الذى تربو ثقته بنفسه لا يشل إقدامه على الحياة نقص فى بدنه، أو عنت فى ظروفه، بل قد يكون ذلك مثار نشاطه، وشدة شكيمته، كما قال الشاعر:
إن لا يكن عظمى طويلا فإننى … له بالخصال الصالحات وصول
إذا كنت فى القوم الطوال علوتهم … بعارفة حتى يقال: طويل
والحق أن مركب النقص قد يكون خيرا وبركة إذا حفز إلى التكمُّل وحدا إلى المجد.
وهو إنما يذم ويستكره إذا التوى بالإنسان وجعله يجنح إلى الرياء والتظاهر الكاذب، ومواراة عيوبه بالادعاء والخديعة.

الصفحة 91