كتاب جدد حياتك

ومع ذلك فالأديان لن تخرج عن طبيعتها فى اعتبار النفس الصالحة هى البرنامج المفصل لكل إصلاح، والخلق القوى هو الضمان الخالد لكل حضارة. وليس فى هذا تهوين ولا غض من عمل الساعين لبناء المجتمع والدولة.
بل هو تنويه بقيمة الإصلاح النفسى فى صيانة الحياة وإسعاد الأحياء.
فالنفس المختلة تثير الفوضى فى أحكم النظم، وتستطيع النفاذ منه إلى أغراضها الدنيئة.
والنفس الكريمة ترقع الفتوق فى الأحوال المختلة، ويشرق نبلها من داخلها، فتحسن التصرف والمسير وسط الأنواء والأعاصير.
إن القاضى النزيه يكمل بعدله نقص القانون الذى يحكم به، أما القاضى الجائر فهو يستطيع الميل بالنصوص المستقيمة.
وكذلك نفس الإنسان حين تواجه ما فى الدنيا من تيارات وأفكار، ورغبات ومصالح.
ومن هنا كان الإصلاح النفسى الدعامة الأولى لتغلب الخير فى هذه الحياة. فإذا لم تصلح النفس أظلمت الأفاق، وسادت الفتن حاضر الناس ومستقبلهم، ولذلك يقول الله تعالى:
(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال).
ويقول معللا هلاك الأمم الفاسدة.
(كدأب آل فرعون و الذين من قبلهم كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوي شديد العقاب * ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
* * *
ويريد الله عز وجل أن يبين لنا الصلة الوثيقة بين صفاء النفس وصفاء العيش وبين جمال الخلق وجمال الحياة، فأكد لنا أن بركته الشاملة تتنزل أمانا على المؤمنين، وبرا وفضلا على الأتقياء والمحسنين، فقال:

الصفحة 94