كتاب جدد حياتك

والأمريكان الذين وقعت بينهم تلك القصة لم يتجاوزوا تلك الحدود، ولم يحاولوا نقلها إلى معامل الذرة أو ساحات المصانع وميادين الإنتاج.
أما الذى حدث فى بلادنا منذ قرون فعلى العكس من ذلك تماما.
إذ تحولت هذه الخوارق النفسية إلى وباء اجتاح القرى والمدن.
فما يكاد يمر يوم حتى تضيف " الروايات " خارقا لرجل ماجن أو ماجد، وكرامة لولى صالح أو داهية خبيث.
واتسعت دائرة الأساطير، فإذا هى تنتقل إلى ميادين التجارة والصناعة والعلم والبحث.
بل لقد انتقلت إلى ميادين الحرب والسياسة، فعندما حارب الخديوى إسماعيل الحبشة وأحس ما لاقته حملاته هناك من خيبة، أمر علماء الأزهر أن يجتمعوا فى صحنه ليقرأوا: " صحيح البخارى "!!.
كأن تلاوة السنة كلها أو القرآن كله ترد الهزائم عن الفرق المدبرة لسوء خطتها أو ضعف عدتها!!.
إن امرأة تتلو سطورا من إنجيل " متى " فتشفَى ـ كما يحكى الأمريكان ـ لا يجوز أن يتحول أمرها إلى لغط حول سنن الله فى كونه، كما حدث لأمثالها فى بلادنا، إذ تحولت هذه الخوارق النفسية الخاصة إلى هجوم شامل على حقائق الكون والحياة!!.
ذلك أن الأنظار والأحكام يمكن أن تتفاوت تفاوتا واسعا فى المجالات الاعتبارية البحتة، ويمكن أن تزيد قواك أو تنقص تبعا لما فى نفسك من همة ونشاط وإقبال.
أما قوانين المادة العتيدة فهى لا تماع وفق الأهواء والميول.
وفى هذه الحدود نفهم قول " جمس آلن ".
(دع إنسانا يغير اتجاه أفكاره، وسوف تتملكه الدهشة لسرعة التحول الذى يحدثه هذا التغير فى جوانب حياته المتعددة. إن القدرة الإلهية التى تكيف مصايرنا، مودعة فى أنفسنا، بل هى أنفسنا ذاتها!!.
وكل ما يصنعه المرء هو نتيجة مباشرة لما يدور فى فكره، فكما أن المرء ينهض على قدميه وينشط وينتج بدافع من أفكاره، كذلك يمرض ويشقى بدافع من أفكاره أيضاً).

الصفحة 97