كتاب غياث الأمم في التياث الظلم
فِيهِ] وَلَكِنَّ الْمَسْأَلَةَ مَظْنُونَةٌ، لَيْسَ لَهَا مُسْتَنَدٌ قَطْعِيٌّ، وَلَمْ أَرَ التَّمَسُّكَ بِمَا جَرَى مِنَ الْعُهُودِ مِنَ الْخُلَفَاءِ إِلَى بَنِيهِمْ ; لِأَنَّ الْخِلَافَةَ بَعْدَ مُنْقَرَضِ الْأَرْبَعَةِ الرَّاشِدِينَ شَابَتْهَا شَوَائِبُ الِاسْتِيلَاءِ وَالِاسْتِعْلَاءِ، وَأَضْحَى الْحَقُّ الْمَحْضُ فِي الْإِمَامَةِ مَرْفُوضًا، وَصَارَتِ الْإِمَامَةُ مُلْكًا عَضُوضًا.
[الخلاف في اشتراط رضا أهل الاختيار والعقد]
207 - فَإِنْ قِيلَ إِذَا وَلَّى الْإِمَامُ ذَا عَهْدٍ، فَهَلْ يَتَوَقَّفُ تَنْفِيذُ عَهْدِهِ عَلَى رِضَا أَهْلِ الِاخْتِيَارِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ مِنْ بَعْدِهِ؟ .
قُلْنَا: ذَكَرَ بَعْضُ الْمُصَنِّفِينَ فِي اشْتِرَاطِ ذَلِكَ خِلَافًا، وَالَّذِي يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ ; فَإِنَّا عَلَى اضْطِرَارٍ نَعْلَمُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا وَلَّى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يُقَدِّمْ عَلَى تَوْلِيَتِهِ مُرَاجَعَةً وَاسْتِشَارَةً وَمُطَالَعَةً، وَإِذَ أَمْضَى فِيهِ مَا حَاوَلَهُ لَمْ يَسْتَرْضِ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الِاخْتِيَارِ عَلَى تَوَافُرِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ.
الصفحة 139