كتاب غياث الأمم في التياث الظلم

وَالَّذِي يَجِبُ الِاعْتِنَاءُ بِهِ تَمْيِيزُ الْمَقْطُوعِ بِهِ عَنِ الْمَظْنُونِ، وَمُسْتَنَدُ الْقَطْعِ الْإِجْمَاعُ، فَمَا اتَّفَقَ ذَلِكَ فِيهِ تَعَيَّنَ فِيهِ الِاتِّبَاعُ، وَمَا لَمْ نُصَادِفْ فِيهِ إِجْمَاعًا عَرَضْنَاهُ عَلَى مَسَالِكِ النَّظَرِ، وَأَعْمَلْنَا فِيهِ طُرُقَ الْمَقَايِيسِ، وَأَرْمَيْنَا فِيهِ سُبُلَ الِاجْتِهَادِ، فَهَذَا مُنْتَهَى مَقْصِدِنَا فِي اسْتِنَابَةِ الْخَلِيفَةِ إِمَامًا بَعْدَهُ.

[المستناب في حياة الإمام ومدى سلطانه]
222 - فَأَمَّا إِذَا اسْتَنَابَ فِي حَيَاتِهِ نَائِبًا، وَفَوَّضَ إِلَى نَظَرِهِ تَنْفِيذَ الْأُمُورِ النَّاجِزَةِ. نُظِرَ: فَإِنْ سَلَّمَ إِلَيْهِ مَقَالِيدَ الْأُمُورِ كُلِّهَا وَجَعَلَهُ يَسْتَقِلُّ وَيُنَفِّذُ، وَيَقْضِي وَيُمْضِي، وَيَعْقِدُ وَيَحِلُّ، وَيُوَلِّي وَيَعْزِلُ، وَهُوَ فِي أُمُورِهِ كُلِّهَا لَا يُطَالِعُ الْإِمَامَ، وَلَا يُرَاجِعُهُ، بَلْ يَنْفَرِدُ وَيَسْتَبِدُّ، فَهَذَا غَيْرُ سَائِغٍ، فَإِنَّ فِي تَجْوِيزِهِ جَمْعَ إِمَامَيْنِ، وَسَنَعْقِدُ فِي امْتِنَاعِ ذَلِكَ بَابًا، وَفَاءً بِتَرَاجِمِ الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
223 - فَإِنْ قِيلَ: هَذَا الْمُرَشَّحُ لِلِاسْتِبْدَادِ مُتَوَحِّدٌ بِالْأُمُورِ، وَالْإِمَامُ

الصفحة 148