كتاب غياث الأمم في التياث الظلم
أَنَّ الْعَقْلَ أَصْلُ الْفَضَائِلِ، فَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ الْوَرَعُ وَالتَّقْوَى، انْقَلَبَ ذَرِيعَةً إِلَى الْفَسَادِ، وَمَطِيَّةً جَائِرَةً عَنْ مَنْهَجِ الرَّشَادِ، فَوَجَبَ اشْتِرَاطُ اسْتِجْمَاعِ الْوَزِيرِ شَرَائِطَ الْمُجْتَهِدِينَ، وَمَرَاتِبَ الْأَئِمَّةِ فِي عُلُومِ الدِّينِ.
وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ ذَلِكَ مَشْرُوطٌ فِي التَّصَدِّي لِهَذَا الْمَنْصِبِ الْعَلِيِّ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِدْعًا مِنْ أَصْلِ هَذَا الْحَبْرِ، وَسَنُقَرِّرُ مِنْ طَرِيقَتِهِ اشْتِرَاطَ اسْتِجْمَاعِ الْقُضَاةِ رُتَبَ الْمُجْتَهِدِينَ. فَإِذَا كَانَ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِيهِمْ فَمَنْ إِلَيْهِ نَصْبُ الْقُضَاةِ وَصَرْفِهِمْ، وَتَرْشِيحُ الْوُلَاةِ لِمُهِمَّاتِ الْأَنَامِ، فِي خِطَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْلَى فِي مُعْتَقَدِهِ بِالْإِمَامَةِ فِي دِينِ اللَّهِ، وَعِلْمِ الشَّرِيعَةِ.
226 - وَأَنَا بِعَوْنِ اللَّهِ وَتَأْيِيدِهِ، وَتَوْفِيقِهِ وَتَسْدِيدِهِ، آتٍ فِي ذَلِكَ بِالْحَقِّ الْمُبِينِ، وَأُمَهِّدُ فِي هَذَا لِلنَّاظِرِينَ مَدْرَكَ الْيَقِينِ، وَالْمُسْتَعَانُ رَبُّ الْعَالَمِينَ.
227 - فَأَقُولُ: أَمَّا الْإِمَامُ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا مَبْلَغَ
الصفحة 151