كتاب غياث الأمم في التياث الظلم
239 - وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ الْمُفَوَّضُ مِمَّا لَا تَضْبِطُهُ النُّصُوصُ مِنَ الْمُوَلِّي، وَكَانَ عَظِيمَ الْوَقْعِ فِي وَضْعِ الشَّرْعِ، لَا يَكْفِي فِيهِ فَنٌّ مَخْصُوصٌ مِنَ الْعُلُومِ، كَالْقَضَاءِ، فَالَّذِي يُؤْثِرُهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمُعْظَمُ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُتَوَلِّي لِلْقَضَاءِ مُجْتَهِدًا، وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَلِكَ. وَجَوَّزَ أَنْ يَكُونَ مُقَلِّدًا، يَسْتَفْتِي فِيمَا يَعِنُّ مِنَ الْمُشْكِلَاتِ الْمُفْتِي. وَيَحْكُمُ بِمُوجَبِهِ.
240 - وَهَذَا عِنْدَنَا مَظْنُونٌ لَا يَتَطَرَّقُ الْقَطْعُ إِلَى النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فِيهِ. وَسَيَأْتِي ذَلِكَ مَشْرُوحًا مُوَضَّحًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
وَالَّذِي ذَكَرْنَاهُ الْآنَ جُمَلٌ تَجْرِي مَجْرَى الْأَسَاسِ وَالتَّوْطِئَةِ، وَتَمْهِيدِ الْقَوَاعِدِ، وَنَحْنُ نَخْتِمُ هَذَا الْبَابَ بِنُكَتَةٍ لَا بُدَّ مِنَ الْإِحَاطَةِ بِهَا فَنَقُولُ:
241 - قَدْ دَلَّتِ الْمَرَامِزُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَلَى صِفَاتِ الْوُلَاةِ،
الصفحة 162