كتاب غياث الأمم في التياث الظلم
عَلَى الْخَلْقِ بِمَا يَسْتَصْلِحُهُمْ. وَهَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى مَعْنَى التَّفْضِيلِ، وَسَيَأْتِي مَشْرُوحًا فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ عَلَى التَّفْصِيلِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ.
244 - فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ، فَقَدْ صَارَ طَوَائِفُ مِنْ أَئِمَّتِنَا إِلَى تَجْوِيزِ عَقْدِ الْإِمَامَةِ لِلْمَفْضُولِ، مَعَ التَّمَكُّنِ مِنَ الْعَقْدِ لِلْأَفْضَلِ الْأَصْلَحِ، وَاعْتَلُّوا بِأَنَّ الْمَفْضُولَ إِذَا كَانَ مُسْتَجْمِعًا لِلشَّرَائِطِ الْمَرْعِيَّةِ، فَاخْتِصَاصُ الْفَاضِلِ بِالْمَزَايَا اتِّصَافٌ بِمَا لَا تَفْتَقِرُ الْإِمَامَةُ إِلَيْهِ، فَإِذَا عُقِدَتِ الْإِمَامَةُ لِمَنْ لَيْسَ عَارِيًا عَنِ الْخِلَالِ الْمُعْتَبَرَةِ، اسْتَقَلَّتْ بِالصِّفَاتِ الَّتِي لَا غِنَى عَنْهَا وَلَا مَنْدُوحَةَ، وَلَيْسَ لِلْفَضَائِلِ نِهَايَةٌ وَغَايَةٌ.
245 - وَذَهَبَ مُعْظَمُ الْمُنْتَمِينَ إِلَى الْأُصُولِ مِنْ جِلَّةِ الْأَئِمَّةِ إِلَى أَنَّ الْإِمَامَةَ لَا تَنْعَقِدُ لِلْمَفْضُولِ مَعَ إِمْكَانِ الْعَقْدِ لِلْفَاضِلِ، ثُمَّ تَحَزَّبَ هَؤُلَاءِ حِزْبَيْنِ، وَتَصَدَّعُوا صَدْعَيْنِ: فَذَهَبَ فَرِيقٌ إِلَى أَنَّ مَدْرَكَ ذَلِكَ الْقَطْعُ، وَصَارَ فَرِيقٌ إِلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنَ المَظْنُونَاتِ الَّتِي لَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهَا أَسَالِيبُ الْعُقُولِ، وَلَا قَوَاطِعُ الشَّرْعِ الْمَنْقُولِ.
الصفحة 166