كتاب غياث الأمم في التياث الظلم

عَلَى مَا سَيَأْتِي مَشْرُوحًا. إِنْ شَاءَ اللَّهُ [تَعَالَى] .
696 - فَالَّذِي تَحَصَّلَ مِنْ هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ يُتَّبَعُ مَا بَقِيَ مِنَ الْأَذْكَارِ، وَيُسْتَمْسَكُ بِآيَةِ الْوُضُوءِ، وَمَا لَمْ يُعْلَمْ وُجُوبُهُ، وَلَمْ يُشْعِرْ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ، فَهُوَ مَحْطُوطٌ عَنْ أَهْلِ الزَّمَانِ ; فَإِنَّ التَّكْلِيفَ لَا يَتَوَجَّهُ إِلَّا مَعَ الْعِلْمِ بِتَوَجُّهِهِ.
697 - فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ غَلَبَاتُ الظُّنُونِ مَنَاطُ [مُعْظَمِ] الْأَحْكَامِ؟ فَهَلَّا قُلْتُمْ مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْمُسْتَرْشِدِ - فِي خُلُوِّ الزَّمَانِ عَنِ الْفُقَهَاءِ - وُجُوبُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِوُجُوبِهِ؟ .
قُلْنَا: هَذَا قَوْلُ مَنْ يَقْنَعُ بِظَوَاهِرِ الْأَشْيَاءِ، وَلَا يَنْبَغِي التَّوَصُّلُ إِلَى الْحَقَائِقِ، فَلْيَعْلَمِ الْمُنْتَهِي إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّا نَعْلَمُ وُجُوبَ الْعَمَلِ بِمُوجَبِ خَبَرِ الْوَاحِدِ، وَالْقِيَاسُ فِي مَرْتَبَتِهِ عَلَى شَرْطِهِ، وَيَسْتَحِيلُ فِي مُقْتَضَى الْعُقُولِ أَنْ يُفِيدَ ظَنٌّ عِلْمًا، وَوُجُوبُ الْعَمَلِ بِمُوجَبِ الْخَبَرِ الَّذِي نَقَلَهُ مُتَعَرِّضُونَ لِلْخَطَأِ مَعْلُومٌ، وَالْخَبَرُ فِي نَفْسِهِ مَظْنُونٌ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الْقِيَاسِ.

الصفحة 454