كتاب غياث الأمم في التياث الظلم

يَسْتَبِيحُ مِنَ الْمِيتَةِ: فَذَهَبَ ذَاهِبُونَ إِلَى أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى سَدِّ رَمَقِهِ، وَلَا يَتَعَدَّاهُ، وَصَارَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ يَسُدُّ جَوْعَتَهُ مِنَ الْمَيْتَةِ.
وَلَوْ خُضْتُ فِي تَحْقِيقِ ذَلِكَ، لَطَالَ الْبَابُ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِمَقْصُودِ الْكِتَابِ.
وَإِنَّ هَذَا فَصْلٌ يَقِلُّ فِي الزَّمَانِ مَنْ يُحِيطُ بِحَقِيقَتِهِ، فَمَنْ أَرَادَهُ، فَلْيَطْلُبْهُ مِنْ تَعْلِيقَاتِ الْمُعْتَمِدِينَ عَنَّا، إِلَى أَنْ يُتِيحَ اللَّهُ لَنَا مَجْمُوعًا فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
740 - وَمِقْدَارُ غَرَضِنَا مِنْ ذَلِكَ: أَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ ظَانٌّ أَنَّ حُكْمَ الْأَنَامِ إِذَا عَمَّهُمُ الْحَرَامُ حُكْمُ الْمُضْطَرِّ فِي تَعَاطِي الْمَيْتَةِ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، فَإِنَّ النَّاسَ لَوِ ارْتَقَبُوا فِيمَا يَطْعَمُونَ أَنْ يَنْتَهُوا إِلَى حَالَةِ الضَّرُورَةِ، وَفِي الِانْتِهَاءِ إِلَيْهَا (251) سُقُوطُ الْقُوَى، وَانْتِكَاثُ الْمِرَرِ، وَانْتِقَاضُ الْبِنْيَةِ، سِيَّمَا إِذَا تَكَرَّرَ اعْتِيَادُ الْمَصِيرِ إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ، فَفِي ذَلِكَ انْقِطَاعُ الْمُحْتَرِفِينَ عَنْ حِرَفِهِمْ وَصِنَاعَاتِهِمْ، وَفِيهِ الْإِفْضَاءُ إِلَى ارْتِفَاعِ الزَّرْعِ وَالْحِرَاثَةِ، وَطَرَائِقِ الِاكْتِسَابِ،

الصفحة 477