كتاب غياث الأمم في التياث الظلم

تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ، فِي حَقِّ الْوَاحِدِ الْمُضْطَرِّ، فَإِنَّ الْوَاحِدَ الْمُضْطَرَّ لَوْ صَابَرَ ضَرُورَتَهُ، وَلَمْ يَتَعَاطَ الْمَيْتَةَ، لَهَلَكَ. وَلَوْ صَابَرَ النَّاسُ حَاجَاتِهِمْ، وَتَعَدَّوْهَا إِلَى الضَّرُورَةِ، لَهَلَكَ النَّاسُ قَاطِبَةً، فَفِي تَعَدِّي الْكَافَّةِ الْحَاجَةَ مِنْ خَوْفِ الْهَلَاكِ، مَا فِي تَعَدِّي الضَّرُورَةِ فِي حَقِّ الْآحَادِ. فَافْهَمُوا، تَرْشُدُوا. .
743 - بَلْ لَوْ هَلَكَ وَاحِدٌ، لَمْ يُؤَدِّ (252) هَلَاكُهُ إِلَى خَرْمِ الْأُمُورِ الْكُلِّيَّةِ، الدُّنْيَوِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ، وَلَوْ تَعَدَّى النَّاسُ الْحَاجَةَ، لَهَلَكُوا بِالْمَسْلَكِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ.
وَمَا عِنْدِي أَنَّهُ يَخْفَى مَدْرَكُ الْحَقِّ الْآنَ بَعْدَ هَذَا الْبَيَانِ عَلَى مُسْتَرْشِدٍ.
744 - فَإِذَا تَقَرَّرَ قَطْعًا أَنَّ الْمَرْعِيَّ الْحَاجَةُ، فَالْحَاجَةُ لَفْظَةٌ مُبْهَمَةٌ لَا يُضْبَطُ فِيهَا قَوْلٌ، وَالْمِقْدَارُ الَّذِي بَانَ أَنَّ الضَّرُورَةَ وَخَوْفَ الرُّوحِ لَيْسَ مَشْرُوطًا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، كَمَا يُشْتَرَطُ فِي تَفَاصِيلِ الشَّرْعِ فِي الْآحَادِ فِي إِبَاحَةِ الْمَيْتَةِ، وَطَعَامِ الْغَيْرِ، وَلَيْسَ مِنَ الْمُمْكِنِ أَنْ نَأْتِيَ بِعِبَارَةٍ عَنِ الْحَاجَةِ نَضْبُطُهَا ضَبْطَ التَّخْصِيصِ

الصفحة 479