كتاب غياث الأمم في التياث الظلم

كَحُرْمَةِ مُلَّاكِهَا، وَالْقَوْلُ فِيهَا فِي مَقْصُودِ هَذَا الْكِتَابِ يَتَعَلَّقُ بِفَصْلَيْنِ.
أَحَدُهُمَا - فِي الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي يَتَعَاطَاهَا الْمُلَّاكُ.
وَالثَّانِي - فِي الْحُقُوقِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْأَمْلَاكِ.
778 - فَأَمَّا الْقَوْلُ فِي الْمُعَامَلَاتِ: فَالْأَصْلُ الْمَقْطُوعُ بِهِ فِيهَا اتِّبَاعُ تَرَاضِي الْمُلَّاكِ، وَالشَّاهِدُ مِنْ نَصِّ الْقُرْآنِ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى ( {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} ) .
فَالْقَاعِدَةُ الْمُعْتَبَرَةُ أَنَّ الْمُلَّاكَ مُخْتَصُّونَ بِأَمْلَاكِهِمْ، لَا يُزَاحِمُ أَحَدٌ مَالِكًا فِي مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ حَقٍّ مُسْتَحَقٍّ، ثُمَّ الضَّرُورَةُ تُحْوِجُ مُلَّاكَ الْأَمْوَالِ التَّبَادُلَ فِيهَا ; فَإِنَّ أَصْحَابَ الْأَطْعِمَةِ قَدْ يَحْتَاجُونَ إِلَى النُّقُودِ، وَأَصْحَابُ النُّقُودِ يَحْتَاجُونَ إِلَى الْأَطْعِمَةِ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي سَائِرِ صُنُوفِ الْمَالِ.
779 - فَالْأَمْرُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ تَحْرِيمُ التَّسَالُبِ وَالتَّغَالُبِ، وَمَدُّ الْأَيْدِي إِلَى أَمْوَالِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ، فَإِذَا تَرَاضَوْا بِالتَّبَادُلِ فَالشَّرْعُ قَدْ يَضْرِبُ عَلَى الْمُتَعَبِّدِينَ ضُرُوبًا مِنَ الْحَجْرِ فِي كَيْفِيَّةِ

الصفحة 494