كتاب غياث الأمم في التياث الظلم

فِيهِ فِي الزَّمَانِ الشَّاغِرِ عَنْ حَمَلَةِ الْعُلُومِ بِتَفَاصِيلِ الشَّرِيعَةِ (263) فَهَذَا مُنْتَهَى الْمَقْصِدِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُعَامَلَاتِ.
788 - فَأَمَّا الْقَوْلُ فِي الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَمْوَالِ، فَالْمَسْلَكُ الْوَجِيزُ فِيهِ أَنَّ الْحُقُوقَ تَنْقَسِمُ إِلَى مَا يُفْرَضُ لِمُسْتَحِقِّينَ مُخْتَصِّينَ، وَإِلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالْجِهَاتِ الْعَامَّةِ:
فَأَمَّا مَا يُقَدَّرُ لِأَشْخَاصٍ مُعَيَّنِينَ، كَالنَّفَقَاتِ وَغَيْرِهَا، فَمَا عُلِمَ فِي الزَّمَانِ وُجُوبُهُ حُكِمَ بِهِ، وَمَا لَمْ يَعْلَمْ بَنُو الزَّمَانِ لُزُومَهُ، فَالْأَمْرُ يَجْرِي فِيهِ عَلَى بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ.
789 - وَأَنَا الْآنَ أَضْرِبُ مِنْ قَاعِدَةِ الشَّرْعِ مَثَلَيْنِ يَقْضِي الْفَطِنُ الْعَجَبَ مِنْهُمَا، وَغَرَضِي بِإِيرَادِهِمَا تَنْبِيهُ الْقَرَائِحِ لِدَرْكِ الْمَسْلَكِ الَّذِي مَهَّدْتُهُ فِي الزَّمَانِ الْخَالِي، وَلَسْتُ أَقْصِدُ الِاسْتِدْلَالَ بِهِمَا، فَإِنَّ الزَّمَانَ إِذَا فُرِضَ خَالِيًا عَنِ التَّفَارِيعِ وَالتَّفَاصِيلِ، لَمْ يَسْتَنِدْ أَهْلُ الزَّمَانِ إِلَّا إِلَى مَقْطُوعٍ بِهِ، فَالَّذِي أَذْكُرُهُ مِنْ أَسَالِيبِ الْكَلَامِ فِي تَفَاصِيلِ الظُّنُونِ.
فَالْمَثَلَانِ: أَحَدُهُمَا - فِي الْإِبَاحَةِ، وَالثَّانِي - فِي بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ.
790 - فَأَمَّا مَا أَضْرِبُهُ فِي الْمُبَاحَاتِ مَثَلًا، فَأَقُولُ:

الصفحة 499