كتاب غياث الأمم في التياث الظلم

خُلُوِّ الزَّمَانِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَيْقِنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا اسْتِحْقَاقًا، فَلَيْسَ نَعْلَمُ أَيْضًا حَجْرًا عَلَيْهِ فِيمَا يَأْخُذُهُ، وَقَدْ تَحَقَّقْنَا أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لَا يَعْدُوهُمَا، فَعَدَمُ الِاسْتِيقَانِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ يُعَارِضُهُ انْتِفَاءُ الدَّلِيلِ فِي الْحَظْرِ، وَمُوجَبُ ذَلِكَ رَفْعُ الْحَجْرِ وَالْحَرَجِ.
فَإِنِ اقْتَسَمَا عَلَى اصْطِلَاحٍ وَتَرَاضٍ، فَلَا إِشْكَالَ فِي انْتِفَاءِ الْحَرَجِ عَنْهُمَا، وَإِنْ تَنَازَعَا وَالنِّزَاعُ مَقْطُوعٌ فِي أَصْلِ الشَّرِيعَةِ - فَلَا مَسْلَكَ قَطْعًا فِي قَطْعِهِ إِلَّا مَا ذَكَرْنَاهُ.
فَلْيُنْعِمِ الْمُنْتَهِي إِلَى هَذَا الْمُنْتَهَى نَظَرَهُ، فَفِيهِ بَيَانُ بَقَايَا تَرَكْتُهَا لِكُلِّ غَوَّاصِ مُنْتَهٍ، وَنَتَائِجُ الْقَرَائِحِ لَا تَنْتَهِي.
815 - فَإِنْ قِيلَ: لَا يَتَوَصَّلُ إِلَى هَذِهِ الدَّقَائِقِ إِلَّا مُدَرَّبٌ فِي مَأْخَذِ الْحَقَائِقِ، فَكَيْفَ يُدْرِكُهُ بَنُو الزَّمَانِ الشَّاغِرِ عَنْ عُلَمَاءِ الشَّرِيعَةِ؟
قُلْنَا: إِنْ ثَبَتَ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مُسْتَنَدُهُ الْقَطْعُ، فَعَلَى أَهْلِ الزَّمَانِ بَذْلُ الْمَجْهُودِ فِي دَرْكِهِ، فَإِذَا فَرَضْنَا بَقَاءَ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ،

الصفحة 510