فأما إذا استناب في حياته نائبا وفوض إلى نظره تنفيذ الأمور الناجزة فإن سلم إليه مقاليد الأمور كلها جعله يستقل وينفذ ويقضي ويمضي ويعقد ويحل ويولي ويعزل وهو في أموره كلها لا يطالع الإمام ولا يراجعه بل ينفرد ويستبد
فهذا غير سائغ فإن في تجويزه جمع إمامين وسنعقد في امتناع ذلك بابا وفاء بتراجم الكتاب إن شاء الله عز وجل
فإن قيل هذا المرشح للاستبداد متوحد بالأمور والإمام لا يشاركه فيما يتعاطاه وإنما الممتنع انتصاب إمامين قائمين بالأمور
قلنا هذا أبعد من الجواز فإن الإمام إنما ينتصب للقيام بمصالح الإسلام والنظر في مهمات الأنام بعين ساهرة فإذا آثر السكون إلى التعطيل والركون إلى التودع كان الإمام تاركا منصبه وصار بمنزلة من ليس إماما متصديا للإمامة وهذا غير مسوغ قطعا فهذا إن سلم الأمور إليه على الاستقلال والاستبداد وإن فوض إليه الأمور ولكنه كان بمرأى من الإمام ومسمع ولم يكن الإمام ذاهلا عن مجامع أموره وكان المتصرف المستناب يراجع الإمام فيما يجريه ويمضيه فهذا جائز غير ممتنع وهذا المنصب هو المسمى الوزارة
ثم الإمام لا يتوزر إلا شهما كافيا ذا نجدة وكفاية ودراية ونفاذ رأي واتقاد قريحة وذكاء فطنة ولا بد أن يكون متلفعا من جلابيب الديانة بأسبغها وأضفاها راقيا من أطواد المعالي إلى ذراها فإنه متصد لأمر
____________________