كتاب غياث الأمم في التياث الظلم - دار الدعوة

وأمهد في هذا للناظرين مدرك اليقين والمستعان رب العالمين فأقول
أما الإمام فلا بد من أن يكون بالغا مبلغ المجتهدين قطعا فإنه وزر الدين والدنيا ومؤيل الخلائق أجمعين وهو مرجع الخلائق كلهم في مهماتهم على تفنن حالاتهم وأولى الأمور بالرعاية ما يتعلق بالنظر في قواعد الإسلام وضبط أصول الأحكام فلو لم يكن الإمام في الدين على أعلى منصب ومقام لكان مقلدا تابعا غير متبوع ولما كان ملاذ اللائذين ومعاذ المسلمين جامعا لشتات الآراء محتويا على مقاليد الشريعة مستقلا بالنظر في أمر الملة ولئن ساغ أن لا يربط أمر الدين برأي قوام على المسلمين والإسلام فليجر ترك الأمر سدى مجرى تخبيط الناس فيها فإن الدنيا إنما ترعى من حيث يستمد استمرار قواعد الدين منها فهي مرعية على سبيل التبعية ولولا مسيس الحاجة إليها على هذه القضية لكانت الدنيا الدنية حرية بأن يضرب عنها بالكلية والذي يكشف الغطاء في ذلك أن التقليد إنما سوغ عند تحقيق العجز عن الاستبداد بالاجتهاد ثم على المقلد نظر ضعيف في تخير قدوة وأسوة فلو كان الإمام مقلدا لحمل الناس على مقتضى تقليده وموجب نظره الواهي في تعيين من يقلده وهذا مستحيل لا يستريب فيه ذو تحصيل فإذا
____________________

الصفحة 112