كتاب غياث الأمم في التياث الظلم - دار الدعوة

فأقول لا خلاف أنه إذا عسر عقد الإمامة للفاضل واقتضت مصلحة المسلمين تقديم المفضول وذلك لصغو الناس وميل أولي البأس والنجدة إليه ولو فرض تقديم الفاضل لاشرأبت الفتن وثارت المحن ولم بجد عددا وتفرقت الأجناد بددا فإذا كانت الحاجة في مقتضى الإيالة تقتضي تقديم المفضول قدم لا محالة إذ الغرض من نصب الإمام استصلاح الأمة فإذا كان في تقديم الفاضل اختباطها وفسادها وفي تقديم المفضول ارتباطها وسدادها تعين إيثار ما فيه صلاح الخليفة باتفاق أهل الحقيقة ولا خلاف أنه لو قدم فاضل واتسقت له الطاعة ونشأ في الزمن من هو أفضل منه فلا يتبع عقد الإمامة للأول بالقطع والرفع فإذا وضح ما ذكرته فأقول إن تهيأ لأهل الاختيار تقديم الفاضل من غير مانع مدافع وتحقق الاستكمان من ترشيح الأصلح فيجب القطع والحالة هذه بإيجاب تقديم الأفضل الأصلح والذي يحقق ذلك أن الإمام إذا تصدى له مسلكان في مهم ألم وخطب أعضل وأدلهم وتحقق أن أحدهما لو آثره واختاره لعمت فائدته وعائدته وعظم وقعه نفعا ودفعا ولو سلك المسلك الثاني لم يكن بعيدا في مقتضى الاختيار من مدارك الرشاد ولا جارا أضرارا فلا خلاف بين المسلمين أجمعين إنه يتعين تقديم الأنفع وإذا كان يتحتم ذلك في الأمور الجزئية على الإمام المطاع علي أقصى ما يستطاع فلان يجب على أهل الاختيار أن يؤثروا الأكمل والأفضل أولى فإن مزيد الكفاية ومزية الهداية والدراية ليس هين الأثر قريب الوقع فلا ارتياب في إيجاب تحصيل ذلك للمسلمين إذا سهل مدركه ولم يتوعر مسلكه
____________________

الصفحة 123