كتاب غياث الأمم في التياث الظلم - دار الدعوة

ولكن بين كل قوم ما أنشأوه من الاختيار والعقد على أن يتفرد من اختاروه بالإمامة فإن اتفق ذلك فلا شك أن لا تثبت الإمامة لهما لما سبق تقريره فإن منصب الإمامة يقتضي الاستقلال بالأشغال كما تقدم وجمع مستقلين بالزعامة الكبرى محال
واختلف الفقهاء في جواز نصب قاضيين في بلدة واحدة على تقدير عموم ولاية كل واحد منهما في جميع البقعة والأصح منع ذلك في القاضيين وذلك مظنون من جهة أن الإمام من وراء القضاة والولاة والمستنابين في الأعمال فإن فرض تنازع وتمانع بين واليين كان وزر المسلمين مرجوعا إليه في الخصومات الشاجرة وأما الإمامة فهي الغاية القصوى وليس بعدها تقدير مرجوع إليه ومتبوع فيستحيل فرض إمامين نافذي الحكم عموما فإذا عقدت الإمامة لرجلين كما سبق تصويره نظر فإن وقع العقدان معا لم يصح واحد منهما ويبتدئ أهل الاختيار عقد الإمامة لمستصلح لها وإن تقدم أحد العقدين فهو النافذ والمتأخر مردود وإن غمض التاريخ وعسر إثبات المتقدم منها بالبينة كان كما لو تحققنا وقوع العقدين معا
إذ لا وجه لتعطيل البيضة عن منصب الإمامة ولا سبيل إلى ترك الأمر مبهما مع تحقيق اليأس من الاطلاع على تاريخ الإنشاء والإيقاع ولو ادعى
____________________

الصفحة 131