كتاب غياث الأمم في التياث الظلم - دار الدعوة

عسرا وخيبة لكن إن أغمد عنهم صوارمه لم يكف عنهم صرائمه وعزائمه وتربص بهم الدوائر واضطرهم بالرأي الثاقب إلى أضيق المعابر والمصائر وأتاهم من حيث لا يحتسبون وحرص أن يستأصل رؤساهم ويجتث كبراءهم ويقطع بلطف الرأي عددهم ويبدد في الأقطار المتبانية عددهم ويحسم عنهم على حسب الإمكان مددهم ويعمل بمغمضات الفكر فيهم سبل الإيالة والمرء يعجز لا محالة وهذا هين إذا لم يبدوا أشراسا ولم ينصبوا للخروج على الإمام رأسا فإذا وهت قوتهم ووهنت منتهم صال عليهم صولة تكفي شرهم وسطا بهم سطوة يمحق ضرهم كما سيأتي تفصيل القول في إنحاء حالة السياسات وإن انتهى الأمر إلى اتفاقهم على الإمام وخروجهم عن الطاعة فنذكر ذلك متصلا بباب السياسات عند تفصيلنا صفوف القتال وعلى الله الاتكال ولا يخفى على ذي بصيرة أن ما أطلنا القول فيه هو الحيد عن مسلك الحق في قواعد العقائد
فأما اختلاف العلماء في فروع الشريعة ومسالك التحري والاجتهاد والتآخي من طرق الظنون فعليه درج السلف الصالحون وانقرض صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكرمون واختلافهم سبب المباحثة عن أدلة الشريعة وهو منة من الله تعالى ونعمة وقد قال
____________________

الصفحة 139