وان تقلب إلى رحمة الله تعالى حي ذاب عن مذهبه ولو فرضنا معاصره هذا المستفتى الشافعي وقد خالفه المفتي الذي هو موجود في الزمان لكان المستفتي يتبع الشافعي لا محالة
وليس ما ذكرناه خارما لما مهدناه من أن المستفتي لا يتبع مذاهب الصحابة فأنهم رضي الله عنهم ما كانوا يصنعون المسائل لتمهيد القواعد وتبويب الأبواب
والمستفتى مأمور باتباع مسالك الباحثين الفاحصين عن أقاصيص المتقدمين وطرق الماضين والافعي من المتناهين في البحث عن المطالب ونخل المذاهب والاهتمام بالنظر في المناصب والمراتب ونظره في التأصيل والتفصل والتنويع والتفريع اغوص من نظر علماء الزمان ومجرد تاريخ التقدم والتأخر مع القطع بأن المذاهب لا تزل بزوال منتحليها لا أثر له
فهذان وجهان متعارضان واحتمالان متقابلان ولا يبلغ القول في ذلك مبلغ القطع والاوجه عندي أن يقلد المستفتي مفتي زمانه ثم تحقيق القول في ذلك أن يقال حق المستفتي أن يستفتي مفتي زمانه في هذه الواقعة التي فيها مخاضنا الآن فأنا مسألة لا يصح فيها للشافعي رضي الله عنه تنصيص على مذهب فلنقل لمفتي الزمان معتقدي تقدم الشافعي وقد خالفك مذهبك في المسألة التي دفعت إلى السؤال عنها مذهب الشافعي فما ترى
____________________