كتاب غياث الأمم في التياث الظلم - دار الدعوة

والممهدين لابواب الأحكام قبل وقوع الوقائع فإنه يتبع مذهب المفتي أو مذهب الأمام المقدم المتقادم وقد تقدم فيه تردد ووضح أن الاختيار اتباع مفتي الزمان من حيث انه بتأخره سبر مذهب من كان قبله ونظره في التفاصيل أسد من نظر المقلد على الجملة
فإذا تجدد العهد بهذا فقد يظن الظان على موجب ذلك أن اتباع مذاهب الأئمة المتأخرين عن الشافعي اولى وان فاقهم الشافعي رحمه الله فضلا فإنهم باستئخارهم اختصوا بمزيد بحث وسبر
والذي أراه في ذلك القطع باتباع الأمام المقدم والاضراب عن مذاهب المتأخرين عنه قدرا وعصرا
وان كنت ارى تقليد مفتي الزمان لو صودف لان الذي يوجد لا يعصر تقليده وتطويقه احكام الوقائع
فأما تكليف المستفتين الاحاطة بمراتب العلماء المتأخرين عن الشافعي مثلا على كثرتهم وتفاوت مناصبهم ومراتبهم فعسر لا يستقل به إلا من وفرت حظوظه من علوم
وانما رأيت هذا مقطوعا به من حيث لم ير أحد من العلماء المقلدين على مذاهب من دون الأمام المقدم ولكن من كان من العلماء مفتيا جزم فتواه ولم يذكر مذهب من سواه ومن قدر نفسه
____________________

الصفحة 302