وقوعه من غير سبب مقطوع به سمعي فإن قيل لو كان سبب الإجماع خبرا مثلا مقطوعا به للهج المجمعون بنقله قلنا لا يبعد أن ينعقد الإجماع عن سبب مقطوع به ثم يقع الاكتفاء بالوفاق ويضرب المجمعون عن نقل السبب لقلة الحاجة إليه وكم من شيء يستفيض عند وقوعه ثم ينمحق ويندرس حتى ينقل آحادا ثم ينطمس حتى لا ينقل ويقع الاكتفاء بما ينعقد الوفاق عليه ووضوح ذلك يغني أصحاب المعارف بالعرف عن الإطناب في تقريره
فإن قيل فالحجة إذا مستند الإجماع مقدما وليس الإجماع في نفسه دليلا
قلنا الآن لما انكشف الغطاء وبرح الخفاء فالحق المتبع أن الإجماع في نفسه ليس حجة إذ لا يتصور من المجمعين الاستقلال بإنشاء حكم من تلقاء أنفسهم وإنما يعتقد فيهم العثور على أمر جمعهم على الإجماع فهو المعتمد والإجماع مشعر به
وليس قول المجمعين بأعلى منصبا من قول المصطفى ولا يستريب محصل أن رسول لا يستقل دليلا ولا ينتهض بنفسه إلى الحق سبيلا ولكن المعجزة شهدت بعصمته وصدق لهجته فيما ينقله عن إله الخلق فالعقول والنهى قاضية بأن إلى الله المنتهى فأمره المطاع حقا والرسل مبلغون عنه صدقا والإجماع مشعر بحجة تقدم الرفاق سبقا فلينظر الموفق
____________________