كتاب غياث الأمم في التياث الظلم - دار الدعوة

والاختلاف فكأن المسلمين يتحدون بنظر الإمام وحسن تقديره وفحصه ونقره ولا بد على كل حال من كون الإمام متبوعا غير تابع ولو لم يكن مجتهدا في دين الله للزمه تقليد العلماء واتباعهم وارتقاب أمرهم ونهيهم وإثباتهم ونفيهم وهذا يناقض منصب الإمامة ومرتبة الزعامة
فهذا قولنا في العلم
فأما التقوى الورع فلا بد منهما إذ لا يوثق بفاسق في الشهادة على فلس فكيف يولي أمور المسلمين كافة
والأب الفاسق مع فرط حدبه وإشفاقه على ولده لا يعتمد في مال ولده فكيف يؤتمن في الإمامة العظمى فاسق لا يتقي الله ومن لم يقاوم عقله هواه ونفسه الأمارة بالسوء ولم ينهض رأيه بسياسة نفسه فأبي يصلح خطة الإسلام
فأما الصفة الثالثة التي ضمنت ضمها إلى الفضائل المكتسبة هي ضم توقد الرأي في عظائم الأمور والنظر في مغبات العواقب وهذه الصفة ينتجها نحيزة العقل ويهذبها التدريب في طرق التجارب والغرض الأعظم من الإمامة جمع شتات الرأي واتتباع رجل أصناف الخلق على تفاوت إرادتهم واختلاف أخلاقهم ومآربهم وحالاتهم فإن معظم الخبال والاختلال يتطرق إلى الأحوال من اضطراب الآراء فإذا لم يكن الناس مجموعين على رأي واحد لم ينتظم تدبير ولم يستتب من إيالة الملك قليل ولا كثير ولاصطلت الحوزة واستؤصلت البيضة
____________________

الصفحة 68