الكتاب وتبويب هذه الأبواب تحقيق الإيالات الكلية وذكر ما لها من موجب وقضية وهذه مسالك لا أباري في حقائقها ولا أجاري في مضايقها
فإن قيل فلم منعتم الإمامة لفاسق
قلنا إن أهل العقد على تخيرهم في افتتاح العهد ومن سوء الاختيار أن يعين لهذا الأمر العظيم والخطب الجسيم فاسق وهم مأمورون بالنظر للمسلمين من أقصى الإمكان وأما الذهاب إلى الانخلاع بعد الاستمرار والاستتباب مع التعرض للزلات فمفسد لقاعدة الولاية ولا خفاء بذلك عند ذوي الدراية وهذا كله حرس الله مولانا في بوادر الفسق فأما إذا تواصل منه العصيان وفشا منه العدوان وظهر الفساد وزال السداد وتعطلت الحقوق والحدود وارتفعت الصيانة ووضحت الخيانة واستجرأ الظلمة ولم يجد المظلوم منتصفا ممن ظلمه وتداعى الخلل والخطل إلى عظائم الأمور وتعطل الثغور فلا بد من استدراك هذا الأمر المتفاقم على ما سنقرر القول فيه على الفاهم إن شاء الله عز وجل وذلك أن الإمامة إنما تعني لنقيض هذه الحالة فإذا أفضى الأمر إلى خلاف ما تقتضيه الزعامة والإيالة فيجب استدراكه لا محالة وترك الناس سدى ملتطمين مقتحمين لا جامع لهم على الحق والباطل أجدى عليهم من تقريرهم اتباع من هو عون الظالمين وملاذ الغاشين وموئل الهاجمين ومعتصم المارقين الناجمين
____________________