{ وليجدوا فيكم غلظة }
وعلى هذه القاعدة تبتني مهادنة الكفار عشر سنين إذا استشعر الإمام من المسلمين ضعفا
فإن قيل مبني هذا الكلام على طلب مصلحة المسلمين وارتياد الأنفع لهم واعتماد خير الشرين إذا لم يتمكن من دفعهما جميعا
وسيرة علي رضي الله في معاوية ومتبعيه يخالف ذلك فإن المزية التي كانت تفوت أهل مصر والشام من انقطاع نظر أمير المؤمنين رضوان الله عليه لا يقابلها قتل مائة ألف من المسلمين فلو كان المرعى في ذلك الموازنة بين رتب المصالح لكان ذلك يقتضي أن ينحجز علي عن جده ويكف من غربه وحده فإذا كان رضي الله عنه جادا مستهنيا بكثرة القتلى والصرعى غير محتفل بأن يقتل أضعاف الذين قتلوا أنفسا وقطعا فكأنه رضي الله عنه كان يرى بناء الأمر على الشهامة والصرامة وتنكب الاستكانة واجتناب المداراة والمداجاة
وكان لا يلين ولا يستكين ولا يغض الدواهي إذا سيم مخالفة الحق من شماسه ولا ينحط عن الدعاء إلى الحق والسيف مسلول على رأسه وكان
____________________