كتاب جمال القراء وكمال الإقراء ت عبد الحق (اسم الجزء: 2)

وقد ذهب إلى هذا «1» من أسقطها، وذهب إليه- أيضا- من أسرّ بها لأنه قال: لم أسمع، أو ما سمعت أحدا منهم.
واحتجوا أيضا بما رواه أبو الجوزاء، واسمه أوس بن عبد الله بن «2» ربيعة الأزد «3» عن عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة ب الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ويختتمها بالتسليم» «4».
قال أهل الحديث: هذا الحديث مرسل، لأن أبا الجوزاء لا يعرف له سماع من عائشة رضي الله عنها، وأيضا فإنه لا حجة فيه لمن أسقط بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لأن قولها: يفتتح الصلاة ب الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لم ترد به نفي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ
__________
قال النووي في الخلاصة: وقد ضعف الحفاظ هذا الحديث، وأنكروا على الترمذي تحسينه كابن خزيمة وابن عبد البر والخطيب وقالوا: إن مداره على ابن عبد الله بن مغفل، وهو مجهول اه ثم قال: ورواه أحمد في مسنده من حديث أبي نعامة عن بني عبد الله بن مغفل، قالوا: كان أبونا إذا سمع أحدا منا يقول: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يقول: أي بني صليت مع النبي صلّى الله عليه وسلّم وأبي بكر وعمر فلم أسمع أحدا منهم يقول: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اه واستمر قائلا: ورواه الطبراني في معجمه عن عبد الله بن بريدة عن ابن عبد الله بن مغفل عن أبيه مثله، ثم أخرجه عن أبي سفيان طريف بن شهاب عن يزيد بن عبد الله بن مغفل ... وذكره بنحوه، فهؤلاء ثلاثة رووا هذا الحديث عن ابن عبد الله بن مغفل عن أبيه ... فقد ارتفعت الجهالة عن ابن عبد الله برواية هؤلاء الثلاثة عنه ...
وبالجملة فهذا حديث صريح في عدم الجهر بالتسمية، وهو وإن لم يكن من أقسام الصحيح فلا ينزل عن درجة الحسن ... والحسن يحتج به، وهذا الحديث مما يدل على أن ترك الجهر عندهم كان ميراثا عن نبيهم صلّى الله عليه وسلّم يتوارثونه خلفهم عن سلفهم، وهذا وحده كاف في المسألة ... اه من نصب الراية التقاطا (1/ 332، 333) وراجع تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي، ونيل الأوطار (2/ 205).
(1) في بقية النسخ: وقد ذهب إلى هذا الحديث من اسقطها.
(2) في بقية النسخ: من ربيعة الأرذ، ويظهر أنه الصواب.
(3) قال ابن حجر: بصري يرسل كثيرا، ثقة من الثالثة، مات سنة 83 هـ أخرج له الجماعة.
التقريب (1/ 86) وراجع الجرح والتعديل (2/ 304) وتاريخ الثقات (ص 84) وكنى مسلم (1/ 197) والميزان (1/ 278).
قال الزيلعي: أوس ثقة كبير، لا ينكر سماعه من عائشة، وقد احتج به الجماعة اه نصب الراية (1/ 334).
(4) رواه مسلم في صحيحه كتاب الصلاة باب ما يجمع صفة الصلاة وما يفتتح به ويختم به (4/ 213) وأبو داود في سننه كتاب الصلاة باب من لم ير الجهر ب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1/ 494) وعبد الرزاق في المصنف باب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (2/ 89).

الصفحة 509