كتاب جمال القراء وكمال الإقراء ت عبد الحق (اسم الجزء: 2)

أمر اختص بزمان المهادنة التي جرت بين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبين أهل مكّة، وذلك أن أم حكيم «1» بنت أبي سفيان فرّت من زوجها عياض بن حكيم «2» إلى الكفار ولحقت بهم، فأنزل الله هذه الآية «3» فكان الحكم لمن فاتت «4» زوجته إلى الكفار أن يعطى ما أنفقه عليها من غنائم الكفار، ثم زال هذا الحكم ونسخ، وقد أجاز بعضهم أن يكون منسوخا بقوله عزّ وجلّ: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ «5» لأنه «6» بين مصارف الغنيمة، ولم يذكر فيها هذا، ولا جعل لمن ذهبت زوجته مما غنم المسلمون شيئا. «7» وذا غير صحيح، لأن (الأنفال) نزلت قبل سورة (الممتحنة) ولا يصح نزول «8» الناسخ قبل المنسوخ.
وقال ابن زيد وقتادة: نسخت هذه الأحكام التي في هذه السورة (براءة) إذ أمر الله عزّ وجلّ نبيّه صلّى الله عليه وسلّم أن ينبذ إلى كل ذي عهد عهده، وأن يقتلوا حيث وجدوا، وأمر بقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية «9».
__________
(1) انظر: الإصابة (13/ 195) رقم (1216) والاستيعاب (13/ 208) وأسد الغابة (7/ 320) رقم (7409).
(2) لم أقف على من ذكر أن اسمه عياض بن حكيم، وإنما ذكر ابن سلامة أن اسمه عياض بن غنم، وذكر البغوي والخازن أن اسمه عياض بن شداد الفهري، كما نقل القرطبي عن القشيري أن اسمه عياض
بن غنم القرشي، ونقل كذلك عن الثعلبي أن اسمه عياض بن أبي شداد الفهري، ولعله وقع خلاف في اسمه، والأمر في ذلك سهل.
انظر؛ الناسخ والمنسوخ لابن سلامة (ص 309) ولباب التأويل وفي هامشه معالم التنزيل (7/ 67) وتفسير القرطبي (18/ 70) وراجع الإصابة (7/ 189) رقم (6135) وأسد الغابة (4/ 227) رقم (4155).
(3) انظر: المصادر السابقة.
(4) في د وظ: فاتته.
(5) الأنفال: (41).
(6) في د وظ: الآية. خطأ.
(7) انظر: الإيضاح (ص 435، 436).
(8) في د وظ: بزوال.
(9) انظر: الناسخ والمنسوخ لقتادة (ص 50) والإيضاح (ص 437) قال النحاس: وأكثر الناس على أنها منسوخة، ونقل قول قتادة بنحو ما ذكره السخاوي. الناسخ والمنسوخ (ص 287).
وأورده السيوطي مطولا، وعزاه إلى عبد بن حميد وأبي داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر كلهم عن قتادة. انظر: الدر المنثور (8/ 134).

الصفحة 871