كتاب غاية المنوة في آداب الصحبة وحقوق الأخوة

ثم ذكر اختلاف السلف فيمن عجز عن ردع صاحبه عن المعصية؛ فمنهم من ذهب إلى الهجر والانقطاع عنه وأن ذلك من البغض في الله، ومنهم إلى خلافه:
فمن المأثور عن بعضهم قوله: إذا تغير أخوك فلا تدعه؛ فإن أخاك يعوج مرةً ويستقيم مرةً أخرى.
وقيل عن بعضهم: لا تقطع أخاك ولا تهجره عند الذنب؛ فإنه يرتكبه
اليوم ويتركه غدًا.
وأما التخفيف عليه؛ فذلك بأن لا يكلفه ما يعجز عنه.
قال صاحب «الإحياء»: «وذلك بأن لا يكلف أخاه ما يشق عليه؛ بل يروح سره من مهماته وحاجاته، ويرفهه عن أن يحمله شيئًا من أعبائه».
قلت: ومن التخفيف عليه: التوسط في الزيارة، قال الماوردي: «فإن تقليل الزيارة داعية الهجران، وكثرتها سبب الملال».
وقد روى البيهقي _ وغيره _ في «شعب الإيمان» عن أبي هريرة وأبي ذر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «زر غبا؛ تزدد حبا»، قال ابن الأثير في «النهاية في غريب الحديث»: «الغب من أوراد

الصفحة 102