كتاب جهود علماء المسلمين في نقد الكتاب المقدس من القرن الثامن الهجري إلى العصر الحاضر "عرض ونقد"

هذا .. وفي أثناء هذه الحركة النقدية، وبعد أن جاء الإِسلام، وعرف المسلمون كيف حرف اليهود والنصارى، ما بين أيديهم من كتب، عن طريق ما ورد في القرآن الكريم، حيث يخبر رب العزة سبحانه وتعالي عن وجود التحريف في التوراة والإنجيل في آيات كثيرة، منها: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (¬1).
وفتح باب الحوار بين المسلمين وأهل الكتاب، وكان للجدل المديني أهميته القصوى في العلاقة بينهم، وذلك من أجل مد جذور التواصل لطريق الهداية إلى الإِسلام، وقد وضعت الأسس الإِسلامية لهذا الجدال في قوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (¬2) وقوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (¬3).
فلما جاء عصر التدوين، في منتصف القرن الثاني الهجري، وبدأ المسلمون يكتبون في الفقه والتفسير والحديث، واليهودية والنصرانية (¬4) وغير ذلك، نشطت الحركة النقدية بعد ذلك على يد عمالقة الفكر الإِسلامى، وكثرت المؤلفات التي تهتم بدراسة الكتاب المقدس، من هذه المؤلفات:
1 - الرد على النصارى لأبي عثمان الجاحظ، ت 255 هـ.
2 - كتاب التوحيد لأبي منصور الماتريدي، ت 333 هـ.
3 - رسالة الحسن بن أيوب، ت 378 هـ.
4 - التمهيد للقاضى أبو بكر الباقلاني، ت 403 هـ.
5 - الفصل في الملل والأهواء والنحل، لابن حزم الأندلسي، ت 456 هـ.
6 - شفاء العليل في بيان ما وقع في التوراة والإنجيل من التبديل، لأبي المعالى الجوينى، ت 589 هـ.
¬__________
(¬1) سورة المائدة: الآية (13).
(¬2) سورة العنكبوت: الآية (46).
(¬3) سورة آل عمران: الآية (64).
(¬4) اليهوديه: د/ أحمد شلبى، صـ27, ط/مكتبة النهضة المصرية، ط/7 - 1984م

الصفحة 13