كتاب جهود علماء المسلمين في نقد الكتاب المقدس من القرن الثامن الهجري إلى العصر الحاضر "عرض ونقد"

2 - جاء في سفر العدد (10/ 6) ما نصه: "وإذا ضربتم هتافًا ثانية ترتحل المحلات النازلة إلى الجنوب. هتافا يضربون لرحلاتهم" وتوجد في آخر هذه الآية في الترجمة اليونانية هكذا "وإذا نفخوا مرة ثالثة يرفع الخيام الغريبة للارتحال وإذا نفخوا مرة رابعة يرفع الخيام الشمالية للارتحال" فالمتن العبراني هاهنا ناقص باعتراف المفسرين (¬1).
3 - جاء في سفر التكوين (7/ 17) في النسخة العبرانية ما نصهُ: "وكان الطوفان أربعين يومًا على الأرض" وهذه الجملة في كثير من النسخ اللاتينية وفي الترجمة اليونانية هكذا: "وكان الطوفان أربعين يومًا وليلة على الأرض" وعلى ذلك فالنص في العبرانية ناقص (¬2).
هذا بالنسبة للعلماء القدامى كابن تيميه وابن القيم والمحدثين كالعلامة رحمة الله الهندي أما بالنسبة للعلماء المعاصرين وكيفية تناولهم لاثبات التحريف في العهد القديم فبقراءة متأنية لما وقع تحت يدي من مؤلفات نقدية معاصرة يتضح لي من خلال الاستقراء والتتبع لتلك الجهود النقدية أن دراسة هؤلاء العلماء الأفاضل قامت على النقد العلمى في إثبات الحقائق وإقامة الحجة على من يدعى سلامة الكتاب المقدس من التحريف وإن كانت لم ترتق إلى مستوى دراسات القدامى من العلماء إلا أنها محاولات جادة وجهود قيمة في هذا الميدان من هؤلاء على سبيل المثال ل/ أحمد عبد الوهاب، د/ أحمد حجازي السقا ود/ محمد دياب ... وغيرهم.
أما م/ أحمد عبد الوهاب، في كتابه: "اختلافات في تراجم الكتاب المقدس". قد سار على نهج العلامة رحمة الله الهندي في مقابلته بين النسخ والتراجم المتعددة للكتاب القدس والتي أثبت من خلالها وجود الاختلاف الواضح بين النسخ وأكد أن هناك شواهد وفيرة على أن الكتبة غيروا بقصد أو بدون قصد في الوثائق والأسفار التي كان عملهم الرئيسى هو كتابتها أو نقلها وأرجع ذلك إلى الأسباب التالية:
1 - الخطأ في القراءة أو في سماع بعض الكلمات أو في هجائها.
2 - الخطأ في التفريق بين ما يجب فصله من الكلمات وما يجب أن يكون تركيبًا واحدًا.
3 - النسيان أثناء النسخ "الكتابة" فقد كانوا ينسخون الكلمة أو السطر مرتين وأحيانًا ينسون كتابة كلمات بل فقرات بأكملها.
4 - التغيير فى النص عن عمد فتغييرهم في النص الأصلي عن قصد قد مارسوه مع فقرات بأكملها حين كانوا يتصورون أبها مكتوبة خطأ في صورتها التي بين أيديهم.
5 - الحذف أو الزيادة كما كانوا يحذفون بعض الكلمات أو الفقرات أو يزيدون على النص الأصلي فيضيفون فقرات توضيحية.
¬__________
(¬1) انظر: إظهار الحق (2/ 247).
(¬2) انظر: المرجع السابق (2/ 246).

الصفحة 160