كتاب جهود علماء المسلمين في نقد الكتاب المقدس من القرن الثامن الهجري إلى العصر الحاضر "عرض ونقد"

9 - اختلاف تراجم (¬1) العهد القديم وتعددها إلى سامرية، عبرية، يونانية وغيرها مما أدى إلى وجود تناقضات كثيرة جداً فضلاً عما فيها من زيادة ونقصان يؤدى إلى فقدان الثقة في العهد القديم خاصة وفي الكتاب المقدس عامة، الأمر الذي يدفع علماء المسلمين إلى ضرورة المقابلة بين النسخ لاكتشاف ما فيها من تناقضات واختلافات.
ولذلك فإن (تفاوت الطبعات يحمل بين طياته تفاوتا في كثير من النصوص بما لا يمكن القطع بأن الطبعة الثانية هى عين الأولى، ومن يرجع إلى الطبعة المفهرسة للكتاب المقدس (1883 م /1983م) يدرك من الصفحة الأولى وعنوانها "تنبيه" أن التحريف قد وقع في هذا الكتاب من خلال ما ذكره هؤلاء من إشارات متعلقة بالكتاب إلى تدل دلالة قطعية على الزيادة والنقصان
¬__________
(¬1) يذكر علماء اللغات أن جميع أسفار العهد القديم قد دونت بلغة واحدة وهي اللغة العبرية، ما عدا بعض الفقرات باللغة الآرامية من سفري عزرا ودانيال وفقرة واحدة من سفر أرميا- ثم ترجمت هذه الأسفار إلى اللغات الأخرى لتسد حاجة اليهود الذين لم يعرفوا العبرية كذلك ترجمه المسيحيون لينتفع به الذين اعتنقوا المسيحية (تأثر اليهودية بالأديان الوثنية د/ فتحى الزغبي ص 57، 58). ومن أهم هذد الترجمات ما يلي:
أ- الترجمة الآرامية القديمة: حينما رجع يهود السبي من بابل وجدوا أن الآرامية هى اللغة السائدة في فلسطين وأصبحت العبرية لغة يصعب فهمها مما أدي إلى ضرورة إيجاد ترجمة بالآرامية ليفهمها الشعب ومن هنا ظهرت التراجم الآرامية لأسفار العهد القديم.
ب. الترجمة الإغريقية السبعينية: يرجع أصل تسمية الترجمة الإغريقية بالسبعينية إلى ما تقوله التقاليد اليهودية من أن سبعين عالماً من علماء الإسكندرية تحت رعاية بطليموس الثاني "فيلادلفوس" (282 - 246 ق. م) ترجموا الأسفار الخمسة الأولى إلى اليونانية في النصف الأول من القرن الثالث ق. م (285 - 247) أما بقية أسفار العهد القديم فقد ترجمت في الفترة بين سنة 250 - 100ق. م وتشتمل هذة الترجمة على أسفار الأبوكريفا إلى لا توجد في النسخة العبرية.
ج. الترجمة السامرية: ترجد ترجمة آرامية للتوراة- أسفار موسى الخمسة- يستخدمها السامريون وتعرف بالترجمة السامرية، ولقد كانت التوراة السامرية أصلا بالعبرية ولكنها مكتوبة بحروفٍ سامرية؛ ولكن عندما فقد اللسان العبرى بين السامريين رأوا أنهم في حاجة إلى ترجمة باللغة الآرامية إلى يفهمونها ,ولقد بدأ تصنيفها في القرن الأول الميلادي واستمر العمل بها حتى حلت اللغة العربية محل الآرامية في القرن الحادي عشر.
د. الترجمة اللاتينية: تُرجمت أسفار العهد القديم عن الترجمة السبعينية إلى اللغة اللاتينية وبدأت أول ترجمة في أواخر القرن الثاني الميلادي ويُطلق عليها اسم الترجمة اللاتينية القديمة.
د. الترجمة الآرامية الحديثة: ترجم أحبار اليهود في فلسطين أسفار العهد القديم من العبرية إلى اللهجة الآرامية الحديثة وساروا في ترجمتهم هذه على منهج خاص يختلف عن مناهج التراجم المعتادة فكانوا يدونون الفقرة بنصها العبري، ثم يتبعونها بترجمتها إلي اللغة الآرامية وقد أُطلق على كتبهم هذه اسم "الترجوم" وقد أُلفت في الفترة الواقعة بين أوائل القرن الثاني وأواخر القرن الخامس بعد الميلاد، وتم معظمها في القرنين الرابع والخامس الميلاديين.
و. الترجة السريانية: ترجم العهد القديم إلى اللغة السريانية فى خلال القرن الثانى الميلادي ليخدم الطوائف اليهودية التى انتشر بينها هذا اللسان الآرامى وقد قبلتها الكنيسة المسيحية .. وسارت هى النسخة إلى يأخذ بها النصارى اليعاقبة والنسطوريون بداية من القرن الخامس الميلادي.
ز. وهناك ترجمات ثانوية لأنها لم تُنقل عن العبرية رأساً بل نقلت عن اليونانية: مثل الترجمة القبطية، الترجمة الإثيوبية أو الحبشية والترجمة الأرمينية والترجمة الغوطية والترجمة الجورجانية والترجمة السلافية.

الصفحة 23