كتاب جهود علماء المسلمين في نقد الكتاب المقدس من القرن الثامن الهجري إلى العصر الحاضر "عرض ونقد"
المرحلة الثانية:
التسليم الجدلي بصحة ما استدلوا به عن نصوص مجاراة للخصم ولكن هذه الأدلة لا تدل على أن سيدنا عيسي -عليه السلام- إله عند تفسيرها تفسيرًا يتناسب مع طبيعتها كوحى سماوي مقدس- كما يدعون- (¬1).
2 - التناقض والتعارض بين نصوص الأناجيل في هذه القضية: فإن كانت هناك أدلة يحتج بها النصارى على ألوهية المسيح -كما يدعون- فإن هناك نصوصًا أخرى من الأناجيل تثبت أن المسيح -عليه السلام- ما هو إلا بشر رسول أرسله الله -عزّ وجلّ- إلى بني إسرائيل ويعتريه ما يعترى البشر ويحتاج إلى ما يحتاج إليه البشر.
ولذلك يقول د/ عبد العظيم المطعنى، وهو يبين موقف الأناجيل من دعوى تأليه المسيح (¬2): لقد ورد في الأناجيل نصوص كثيرة تدل على أن عيسى إنسان في مواضع متعددة منها:
أ- "لماذا تفكرون بالشر في قلوبكم ... ولكن لتعلموا أن لابن الإنسان سلطانًا على الأرض أن يغفر الخطايا" (¬3).
ب- "جاء ابن الإنسان يأكل ويشرب فيقولون: هو ذا إنسان أكول شريب خمر" (¬4).
ج- "منذ الآن يكون ابن الإنسان جالسًا عن يمين قوة الله" (¬5).
د- "ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلونى وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله" (¬6).
ويقول أيضًا: تعددت النصوص التي تصف المسيح -عليه السلام- بأنّه نبي مرسل من هذه النصوص ما يلي:
1 - "من يقبلكم يقبلني ومن يقبلني يقبل الذي أرسلنى من يقبل نبيًا باسم نبى فأجر نبي يأخذ" (¬7).
2 - "ومن قبلنى فليس يقبلنى أنا؛ بل الذي أرسلنى" (¬8).
3 - إن هذا هو بالحقيقة النبي الآتى إلى العالم" (¬9).
¬__________
(¬1) انظر: مشكلات العقيدة النصرانية: ص 99 - 102.
(¬2) انظر: الإِسلام في مواجهة الاستشراق: د/ المطعني، ص 399.
(¬3) متى: (9/ 2 - 6) شفاء مشلول.
(¬4) متى: (11/ 16) يسوع ويوحنا المعمدان.
(¬5) لوقا: (22/ 69) استهزاء الحراس.
(¬6) يوحنا: (8/ 40) أبناء إبراهيم.
(¬7) متى: (10/ 40) إرسال الاثنى عشر.
(¬8) مرقس: (9/ 37) من هو الأعظم؟.
(¬9) يوحنا: (6/ 14) إشباع الخمسة آلاف رجل.