كتاب غرر البيان من سورة يوسف -عليه السلام- في القرآن

هَدْيُ النَّبِيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ في علاج المُصَاب بالعَيْن
وعلاج الحسد ودفع أذى العين موجود في الكتاب الكريم والسُّنَّة المطهَّرة، فمِمَّا يدفع به هذه العلَّة التعوُّذات والرُّقى، ومن التعوُّذات والرُّقى: الإكثار من قراءة المعوِّذتين: الفلق، والنَّاس. فالمعوِّذتان نزلتا لإبطال واكتساح تأثير السِّحر والحسد، فقد أخرج التِّرمذي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: " كَانَ رَسُولُ الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ يَتَعَوَّذُ مِن الْجَانِّ وَعَيْنِ الْإِنْسَانِ حَتَّى نَزَلَتْ المُعَوِّذَتَانِ، فَلَمَّا نَزَلَتَا أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهُمَا " (¬١)
وقد أرشد النَّبِيُّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ إلى الاستعاذة من الحسد قبل وقوعه، فقد كان يعوِّذُ الحسن والحسين، أخرج البخاري عن ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ الله عَنْهُما ـ، قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، وَيَقُولُ: إِنَّ أَبَاكُمَا (¬٢) كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ (¬٣) وَهَامَّةٍ (¬٤)، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ (¬٥) " (¬٦)
ومن علاج الحسد قبل وقوعه الاحتراس والاحتراز منه، وذلك بِسَتْر محاسن مَنْ يخاف عليه العَيْن بما يردُّها عنه.
ومن الرُّقى المشروعة رُقيةُ جبريل ـ - عليه السلام - ـ للنَّبِيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ الَّتي رواها مسلم عن أبي سعيد: " أنَّ جبريل أتى النَّبِيَّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، فقال: يا محمَّد، اشتكيتَ؟! فقال: نعم. قال: باسْمِ الله أرقيكَ، من كلِّ شيءٍ يؤذيكَ، من شرِّ كلِّ نفْسٍ، أو عينِ حاسِد، الله
---------------
(¬١) التِّرمذي " الجامع الصَّحيح " (ص ٥٩٩/رقم ٢٠٦٣)، وقَالَ أَبُو عِيسَى وَفِي الْبَاب عَنْ أَنَسٍ وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
(¬٢) يرِيد إِبْرَاهِيم ـ - عليه السلام - ـ وَسَمَّاهُ أَبًا لِكَوْنِهِ جَدًّا.
(¬٣) المراد شياطين الإنس والجنّ.
(¬٤) الهامَّة: واحدة الهوامّ ذوات السُّموم.
(¬٥) العين اللَّامَّة: الَّتي تُصيب بسوء وشرّ.
(¬٦) البخاري " صحيح البخاري " (م ٢/ج ٤/ص ١١٩) كتاب أحاديث الأنبياء.

الصفحة 138