كتاب غرر البيان من سورة يوسف -عليه السلام- في القرآن

أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (٤٩)} [هود].
ومع هذا {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ... (٤)} [الفرقان]، {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٥)} [الفرقان] وقالوا: {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ... (١٠٣)} [النَّحل]
وصدق ربِّي ـ تبارك وتعالى ـ القائل: {وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١٠٥)} [الأنعام]

تعيُّن الدَّعوة إلى الله على بَصِيرَة على كُلِّ مُؤْمِن
ثمَّ قال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ} تسلية للنَّبِيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ والمراد أهل مكَّة {وَلَوْ حَرَصْتَ} على هدايتهم وإيمانهم {بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣)}.
{وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ} أي على القرآن وتبليغه {مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ} عِظَة وتذكرة {لِلْعَالَمِينَ (١٠٤)} كافَّة، لا يختصُّ بهم {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} من الآيات الظَّاهرة والبراهين الباهرة تشهد على أنَّ الله واحد {يَمُرُّونَ عَلَيْهَا} باللَّيل والنَّهار والعشيّ والإبكار {وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (١٠٥)} لا يعتبرون بها، فلا عجب من إعراضهم عنك يا رسُولَ الله!
{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦)} به ـ سبحانه ـ شِرْكاً جليّاً أو خفيّاً {أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ} عُقوبة مُجَلِّلة تَعُمُّهم {أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً} فجأة {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١٠٧)} بقيامها.
{قُلْ} يا محمَّد للمشركين {هَذِهِ سَبِيلِي} طريقي وسنَّتي {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ

الصفحة 201