كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 1)
فَكَانَ هَذَا فِي النَّصَارَى الَّذِينَ أَدَّوْا إِلَيْهِ الْجِزْيَةَ.
وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَمَّا فَتَحَ الشَّامَ وَأَدَّوْا إِلَيْهِ الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ، أَسْلَمَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ لَا يُحْصِي عَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَإِنَّ الْعَامَّةَ وَالْفَلَّاحِينَ وَغَيْرَهُمْ كَانَ عَامَّتُهُمْ نَصَارَى، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْمَلُ فِلَاحَةً، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ فِي دِمَشْقَ مَسْجِدٌ يُصَلُّونَ فِيهِ إِلَّا مَسْجِدٌ وَاحِدٌ لِقِلَّتِهِمْ، ثُمَّ صَارَ أَكْثَرُ أَهْلِ الشَّامِ وَغَيْرُهُمْ مُسْلِمِينَ طَوْعًا لَا كَرْهًا، فَإِنَّ إِكْرَاهَ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْإِسْلَامِ غَيْرُ جَائِزٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ - اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 256 - 257] .
الصفحة 313