كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 1)
وَقَالَ تَعَالَى: {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ} [آل عمران: 140] .
وَفِي ذَلِكَ حِكَمٌ أُخْرَى، وَمِثْلُ ذَلِكَ كَثِيرٌ فِي كَلَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَغَيْرِ كَلَامِ اللَّهِ إِذَا ذَكَرَ حِكْمَةً لِلْفِعْلِ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ لَا تَكُونَ لَهُ حِكْمَةٌ أُخْرَى، لَكِنْ لَا بُدَّ لِتَخْصِيصِ تِلْكَ الْحِكْمَةِ بِالذِّكْرِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ مُنَاسَبَتِهِ، وَهَذَا كَالْمُنَاسَبَةِ فِي قَوْلِهِ: {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ} [يس: 6] .
فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا أَوَّلَ الْمُنْذَرِينَ، وَأَحَقَّهُمْ بِالْإِنْذَارِ، فَكَانَ فِي تَخْصِيصِهِمْ بِالذِّكْرِ فَائِدَةٌ لَا أَنَّهُ خَصَّهُمْ لِانْتِفَاءِ إِنْذَارِ مَنْ سِوَاهُمْ.
وَقَالَ تَعَالَى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ - عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ - بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 193 - 195] .
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ نَزَلَ بِهِ لِيَكُونَ بَشِيرًا، وَلِيَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَيُحِلَّ الطَّيِّبَاتِ، وَيُحَرِّمَ الْخَبَائِثَ، وَيَضَعَ الْآصَارَ وَالْأَغْلَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الصفحة 439
452