كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 2)
الْحُكْمَ هُوَ مِنْ بَابِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ التَّغْيِيرُ فِي بَابِ الْأَخْبَارِ وَهُوَ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ التَّبْدِيلُ لَفْظًا وَأَمَّا الْأَحْكَامُ الَّتِي فِي التَّوْرَاةِ فَمَا يَكَادُ أَحَدٌ يَدَّعِي التَّبْدِيلَ فِي أَلْفَاظِهَا.
وَقَدْ ذَكَرَ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ قَوْلَهُ - تَعَالَى -: فِي الْإِنْجِيلِ {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ} [المائدة: 47] هُوَ خِطَابٌ لِمَنْ كَانَ عَلَى دِينِ الْمَسِيحِ قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ لَا الْمَوْجُودِينَ بَعْدَ مَبْعَثِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَهَذَا الْقَوْلُ يُنَاسِبُ مُنَاسَبَةً ظَاهِرَةً لِقِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ " وَلِيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ " بِكَسْرِ اللَّامِ كَقِرَاءَةِ حَمْزَةَ فَإِنَّ هَذِهِ لَامُ كَيْ، فَإِنَّهُ تَعَالَى قَالَ {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ - وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 46 - 47]
الصفحة 424