كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 3)

لَا تُسْمَعُ دَعْوَى التَّبْدِيلِ فِيهِ، فَكَذَلِكَ فِي كُتُبِهِمْ - قِيَاسٌ بَاطِلٌ فِي مَعْنَاهُ وَلَفْظِهِ.
أَمَّا مَعْنَاهُ: فَكُلُّ مَا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ مِنْ دِينِهِمْ إِجْمَاعًا ظَاهِرًا مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ فَهُوَ مَنْقُولٌ عَنِ الرَّسُولِ نَقْلًا مُتَوَاتِرًا، بَلْ مَعْلُومًا بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِهِ، فَإِنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَالزَّكَاةَ، وَصِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَحَجَّ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ، وَوُجُوبَ الْعَدْلِ وَالصِّدْقِ، وَتَحْرِيمَ الشِّرْكِ وَالْفَوَاحِشِ وَالظُّلْمِ، بَلْ وَتَحْرِيمَ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَالرِّبَا، وَغَيْرَ ذَلِكَ مَنْقُولٌ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (نَقْلًا مُتَوَاتِرًا كَنَقْلِ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ.
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ عُمُومُ رِسَالَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَأَنَّهُ مَبْعُوثٌ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ، بَلْ إِلَى الثَّقَلَيْنِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَأَنَّهُ كَانَ يُكَفِّرُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ لَمْ يَتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ يُكَفِّرُ غَيْرَهُمْ مِمَّنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِذَلِكَ وَأَنَّهُ جَاهَدَهُمْ وَأَمَرَ بِجِهَادِهِمْ.
فَالْمُسْلِمُونَ - عِنْدَهُمْ مَنْقُولًا عَنْ نَبِيِّهِمْ نَقْلًا مُتَوَاتِرًا - ثَلَاثَةُ أُمُورٍ: لَفْظُ الْقُرْآنِ وَمَعَانِيهِ الَّتِي أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهَا وَالسُّنَّةُ الْمُتَوَاتِرَةُ وَهِيَ الْحِكْمَةُ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ غَيْرَ الْقُرْآنِ.
كَمَا قَالَ - تَعَالَى -:

الصفحة 10