كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 3)

يَتَضَمَّنُ الْعِلْمَ النَّافِعَ، وَدِينُ الْحَقِّ يَتَضَمَّنُ الْعَمَلَ الصَّالِحَ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، وَالظُّهُورُ يَكُونُ بِالْعِلْمِ وَاللِّسَانِ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ حَقٌّ وَهُدًى، وَيَكُونُ بِالْيَدِ وَالسِّلَاحِ لِيَكُونَ مَنْصُورًا مُؤَيَّدًا، وَاللَّهُ أَظْهَرُهُ هَذَا الظُّهُورَ فَهُمْ أَهْلُ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، صِرَاطِ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا، غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمُ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَلَا يَعْمَلُونَ بِهِ، كَالْيَهُودِ، وَلَا الضَّالِّينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ وَيَعْبُدُونَ وَيَزْهَدُونَ بِلَا عِلْمٍ كَالنَّصَارَى.
وَالْيَهُودُ قَتَلُوا النَّبِيِّينَ، وَالَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ، وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ.
وَالْمُسْلِمُونَ اعْتَدَلُوا فَآمَنُوا بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَآمَنُوا بِجَمِيعِ النَّبِيِّينَ، وَبِكُلِّ كِتَابٍ أَنْزَلَهُ اللَّهُ فَلَمْ يُكَذِّبُوا الْأَنْبِيَاءَ وَلَا سَبُّوهُمْ وَلَا غَلَوْا فِيهِمْ وَلَا عَبَدُوهُمْ، وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالدِّينِ لَا يَبْخَسُونَهُمْ حَقَّهُمْ وَلَا غَلَوْا فِيهِمْ.
وَالْيَهُودُ يَغْضَبُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَيَنْتَقِمُونَ، وَالنَّصَارَى لَا يَغْضَبُونَ لِرَبِّهِمْ وَلَا يَنْتَقِمُونَ.
وَالْمُسْلِمُونَ الْمُعْتَدِلُونَ الْمُتَّبِعُونَ لِنَبِيِّهِمْ يَغْضَبُونَ لِرَبِّهِمْ وَيَعْفُونَ عَنْ حُظُوظِهِمْ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا

الصفحة 103