كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 3)

كُفَّارٌ مِنْ حِينِ بُعِثَ الْمَسِيحُ إِلَيْهِمْ فَكَذَّبُوهُ.
وَكَذَلِكَ الصَّابِئُونَ مِنْ حِينِ بُعِثَ إِلَيْهِمْ رَسُولٌ فَكَذَّبُوهُ، فَهُمْ كُفَّارٌ. فَإِنْ كَانَ فِي الْآيَةِ مَدْحٌ لِدِينِكُمُ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ بَعْدَ مَبْعَثِ مُحَمَّدٍ فَفِيهَا مَدْحُ دِينِ الْيَهُودِ أَيْضًا، وَهَذَا بَاطِلٌ عِنْدَكُمْ وَعِنْدَ الْمُسْلِمِينَ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَدْحُ الْيَهُودِ بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ فَلَيْسَ فِيهَا مَدْحٌ لِدِينِ النَّصَارَى بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ.
وَكَذَلِكَ يُقَالُ لِلْيَهُودِيِّ، إِنِ احْتَجَّ بِهَا عَلَى صِحَّةِ دِينِهِ.
وَأَيْضًا، فَإِنَّ النَّصَارَى يُكَفِّرُونَ الْيَهُودَ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُمْ حَقًّا لَزِمَ كُفْرُ الْيَهُودِ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَزِمَ بُطْلَانُ دِينِهِمْ فَلَابُدَّ مِنْ بُطْلَانِ أَحَدِ الدِّينَيْنِ فَيَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ مَدَحَتْهُمَا، وَقَدْ سَوَّتْ بَيْنَهُمَا.
فَعُلِمَ أَنَّهَا لَمْ تَمْدَحْ وَاحِدًا مِنْهُمَا بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ، وَإِنَّمَا مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالَّذِينَ هَادُوا الَّذِينَ اتَّبَعُوا مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى شَرْعِهِ قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ، وَالنَّصَارَى الَّذِينَ اتَّبَعُوا الْمَسِيحَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى شَرِيعَتِهِ قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ.

الصفحة 122