كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 3)

السَّلَامُ - إِلَّا قَلِيلٌ إِلَى أَنْ قَالَ لَهُ آخِرُهُمْ: لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ يُبْعَثُ نَبِيٌّ بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ جِهَةِ الْحِجَازِ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ هِجْرَةِ سَلْمَانَ إِلَيْهِ وَإِيمَانِهِ بِهِ.
فَالدِّينُ الَّذِي اجْتَمَعَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُسْلِمُونَ اجْتِمَاعًا ظَاهِرًا مَعْلُومًا هُوَ مَنْقُولٌ عَنْ نَبِيِّهِمْ نَقْلًا مُتَوَاتِرًا نَقَلُوا الْقُرْآنَ وَنَقَلُوا سُنَّتَهُ، وَسُنَّتُهُ مُفَسِّرَةٌ لِلْقُرْآنِ مُبَيِّنَةٌ لَهُ كَمَا قَالَ - تَعَالَى - لَهُ:
{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] .
فَبَيَّنَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَفْظَهُ وَمَعْنَاهُ فَصَارَ مَعَانِي الْقُرْآنِ الَّتِي اتَّفَقَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ اتِّفَاقًا ظَاهِرًا مِمَّا تَوَارَثَتْهُ الْأُمَّةُ عَنْ نَبِيِّهَا كَمَا تَوَارَثَتْ عَنْهُ أَلْفَاظَ الْقُرْآنِ فَلَمْ يَكُنْ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ - فِيمَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ شَيْءٌ مُحَرَّفٌ مُبَدَّلٌ مِنَ الْمَعَانِي فَكَيْفَ بِأَلْفَاظِ تِلْكَ الْمَعَانِي.
فَإِنَّ نَقْلَهَا وَالِاتِّفَاقَ عَلَيْهَا أَظْهَرُ مِنْهُ فِي الْأَلْفَاظِ فَكَانَ الدِّينُ الظَّاهِرُ لِلْمُسْلِمِينَ الَّذِي اتَّفَقُوا عَلَيْهِ مِمَّا نَقَلُوهُ عَنْ نَبِيِّهِمْ لَفْظَهُ وَمَعْنَاهُ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ تَحْرِيفٌ وَلَا تَبْدِيلٌ لَا لِلَّفْظِ وَلَا لِلْمَعْنَى بِخِلَافِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ فَإِنَّ مِنْ أَلْفَاظِهَا مَا بَدَّلَ مَعَانِيَهُ وَأَحْكَامَهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى أَوْ مَجْمُوعُهُمَا تَبْدِيلًا ظَاهِرًا مَشْهُورًا فِي عَامَّتِهِمْ كَمَا

الصفحة 17