كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 3)

نُسْخَةٍ فِي الْعَالَمِ بِكُلِّ لِسَانٍ مُطَابِقٌ لَفْظُهَا سَائِرَ النُّسَخِ بِسَائِرِ الْأَلْسِنَةِ إِلَّا مَنْ أَحَاطَ عِلْمًا بِذَلِكَ وَهُمْ قَدْ سَلَّمُوا أَنَّ أَحَدًا لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ.
وَأَمَّا مَنْ ذَكَرَ أَنَّ التَّغْيِيرَ وَقَعَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فَهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا أُخِذَتِ الْأَنَاجِيلُ عَنْ أَرْبَعَةٍ، اثْنَانِ مِنْهُمْ لَمْ يَرَيَا الْمَسِيحَ، بَلْ إِنَّمَا رَآهُ اثْنَانِ مِنْ نَقَلَةِ الْإِنْجِيلِ مَتَّى وَيُوحَنَّا.
وَمَعْلُومٌ إِمْكَانُ التَّغَيُّرِ فِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّهَا مَكْتُوبَةٌ بِاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ لِسَانًا فَمَعْلُومٌ بِاتِّفَاقِ النَّصَارَى أَنَّ الْمَسِيحَ لَمْ يَكُنْ يَتَكَلَّمُ إِلَّا بِالْعِبْرِيَّةِ كَسَائِرِ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَأَنَّهُ كَانَ مَخْتُونًا خُتِنَ بَعْدَ السَّابِعِ كَمَا يَخْتِنُ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي إِلَى قِبْلَتِهِمْ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي إِلَى الشَّرْقِ وَلَا أَمَرَ بِالصَّلَاةِ إِلَى الشَّرْقِ.
وَمَنْ قَالَ إِنَّ لِسَانَهُ كَانَ سُرْيَانِيًّا كَمَا يَظُنُّهُ بَعْضُ النَّاسِ فَهُوَ غَالِطٌ فَالْكَلَامُ الْمَنْقُولُ عَنْهُ فِي الْأَنَاجِيلِ إِنَّمَا تَكَلَّمَ بِهِ عِبْرِيًّا ثُمَّ تُرْجِمَ مِنْ تِلْكَ اللُّغَةِ إِلَى غَيْرِهَا.
وَالتَّرْجَمَةُ يَقَعُ فِيهَا الْغَلَطُ كَثِيرًا كَمَا وَجَدْنَا فِي زَمَانِنَا مَنْ يُتَرْجِمُ التَّوْرَاةَ مِنَ الْعِبْرِيَّةِ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ وَيَظْهَرُ فِي التَّرْجَمَةِ مِنَ الْغَلَطِ مَا يَشْهَدُ بِهِ الْحُذَّاقُ الصَّادِقُونَ مِمَّنْ يَعْرِفُ اللُّغَتَيْنِ.
وَالنَّصَارَى يَقُولُونَ إِنَّمَا كُتِبَتْ بِأَرْبَعِ لُغَاتٍ: (بِالْعِبْرِيَّةِ

الصفحة 32