كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 3)

إِنْ أَمْكَنَ أَحَدًا أَنْ يَجْمَعَ جَمِيعَ النُّسَخِ كَانَتْ قُدْرَتُهُ عَلَى تَغْيِيرِ بَعْضِ أَلْفَاظِهَا كُلِّهَا أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ مُقَابَلَةِ كُلِّ مَا فِي نُسْخَةٍ بِجَمِيعِ مَا فِي سَائِرِ النُّسَخِ.
فَإِنَّا إِذَا أَحْضَرْنَا بِكِتَابٍ مِنَ الْكُتُبِ عَشْرَ نُسَخٍ كَانَ تَغْيِيرُ بَعْضِ أَلْفَاظِ الْعَشْرَةِ أَيْسَرَ عَلَيْنَا مِنْ مُقَابَلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَشْرَةِ بِالتِّسْعَةِ الْبَاقِيَةِ إِذِ الْمُقَابَلَةُ يُحْتَاجُ فِيهَا إِلَى مَعْرِفَةِ جَمِيعِ أَلْفَاظِ كُلِّ نُسْخَةٍ وَمُسَاوَاتِهَا لِلْأُخْرَى.
وَأَمَّا التَّغْيِيرُ فَيَكْفِي فِيهِ أَنْ يُغَيِّرَ مِنْ كُلِّ نُسْخَةٍ مَا يُغَيِّرُهُ مِنَ الْأُخْرَى فَإِنْ كَانَ تَغْيِيرُ جَمِيعِ النُّسَخِ مُمْتَنِعًا فِي الْعَادَةِ فَالْعِلْمُ بِاتِّفَاقِهَا أَشَدُّ امْتِنَاعًا، وَإِنْ كَانَ الْعِلْمُ بِاتِّفَاقِهَا مُمْكِنًا، فَإِمْكَانُ تَغْيِيرِ بَعْضِ أَلْفَاظِهَا أَيْسَرُ وَأَيْسَرُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنْ قِيلَ: إِنَّهُ غُيِّرَ بَعْضُهَا وَتُرِكَ بَعْضُهَا، فَهَذَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِأَنَّهَا كُلَّهَا قَوْلٌ وَاحِدٌ وَلَفْظٌ وَاحِدٌ فِي جَمِيعِ الْأَلْسُنِ.
فَيُقَالُ: أَمَّا إِمْكَانُ قَوْلِ هَذَا فَظَاهِرٌ لَا يُنَازِعُ فِيهِ عَاقِلٌ، وَهُوَ وَاقِعٌ فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا التَّوْرَاةَ الَّتِي عِنْدَ السَّامِرَةِ تُخَالِفُ تَوْرَاةَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى (حَتَّى فِي الْعَشْرِ الْكَلِمَاتِ.
فَذَكَرَ السَّامِرَةُ فِيهَا مِنْ أَمْرِ اسْتِقْبَالِ الطُّورِ مَا لَا يُوجَدُ فِي نُسَخِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى) وَكَذَلِكَ بَيْنَ نُسَخِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اخْتِلَافٌ

الصفحة 42