كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 3)

فَوَصَفَ الْقَوْلَيْنِ بِالتَّمَاثُلِ، وَالْقُلُوبَ بِالتَّشَابُهِ لَا بِالتَّمَاثُلِ؛ فَإِنَّ الْقُلُوبَ وَإِنِ اشْتَرَكَتْ فِي هَذَا الْقَوْلِ فَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ لَا مُتَمَاثِلَةٌ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُتَشَابِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ» ) .
فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَعْلَمُهَا بَعْضُ النَّاسِ، وَهِيَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَيْسَتْ مُتَمَاثِلَةً، بَلْ بَعْضُهَا حَرَامٌ وَبَعْضُهَا حَلَالٌ.
وَالْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّ قَوْلَهُ: (سَنَخْلُقُ خَلْقًا عَلَى شِبْهِنَا) لَا يَتَنَاوَلُ صِفَتَهُ، مِثْلَ كَلَامِهِ وَحَيَاتِهِ الْقَائِمَةِ بِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، وَحِينَئِذٍ فَهَذَا لَا يَتَنَاوَلُ اللَّاهُوتَ الَّذِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُ تَدَرَّعَ بِالنَّاسُوتِ، فَإِنَّ اللَّاهُوتَ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ.
وَأَمَّا النَّاسُوتُ فَهُوَ كَسَائِرِ نَوَاسِيتِ النَّاسِ لَا اخْتِصَاصَ لَهُ، بِأَنْ يَكُونَ شَبِيهًا لِلَّهِ دُونَ سَائِرِ النَّوَاسِيتِ، فَقَوْلُهُ: فَمَنْ هُوَ الشِّبْهُ الْمَخْلُوقُ سِوَى كَلِمَتِهِ وَرُوحِهِ؟ - بَاطِلٌ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: (هَا آدَمُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا) ، وَقَوْلُهُم: إِنَّ هَذَا قَوْلٌ

الصفحة 446