كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 3)

[فَصْلٌ: رُجُوعُهُمْ مَرَّةً أُخْرَى إِلَى التَّمَسُّكِ بِالتَّثْلِيثِ لِمَا سَبَقَ أَنْ نَقَلُوهُ وَأَشَارُوا إِلَيْهِ مِنْ كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ]
قَالُوا: فَمِنْ أَجْلِ هَذَا الْبَيَانِ الْوَاضِحِ الَّذِي قَالَهُ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ، وَفِي كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ نَجْعَلُ ثَلَاثَةَ أَقَانِيمَ: جَوْهَرًا وَاحِدًا، إِلَهًا وَاحِدًا، خَالِقًا وَاحِدًا.
وَهُوَ الَّذِي نَقُولُهُ: أَبٌ، وَابْنٌ، وَرُوحُ قُدُسٍ.
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ فِي التَّوْرَاةِ وَالْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ مِنْ إِثْبَاتِ وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ، وَنَفْيِ تَعَدُّدِ الْآلِهَةِ، وَنَفْيِ إِلَهِيَّةِ مَا سِوَاهُ - مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي إِبْطَالِ قَوْلِ النَّصَارَى وَنَحْوِهُم، وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْأَقَانِيمِ لَا لَفْظًا وَلَا مَعْنًى، حَيْثُ يَجْعَلُونَ الْأُقْنُومَ اسْمًا لِلذَّاتِ مَعَ الصِّفَةِ، وَالذَّاتُ وَاحِدَةٌ، وَالتَّعَدُّدُ فِي الصِّفَاتِ لَا فِي الذَّاتِ.
وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَتَّحِدَ صِفَةٌ دُونَ الْأُخْرَى، وَلَا دُونَ الذَّاتِ، فَيَمْتَنِعُ اتِّحَادُ أُقْنُومٍ أَوْ حُلُولُهُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ دُونَ الْأُقْنُومِ الْآخَرِ، وَلَا إِثْبَاتُ ثَلَاثَةِ أَقَانِيمَ وَلَا إِثْبَاتُ ثَلَاثِ صِفَاتٍ دُونَ مَا سِوَاهَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ، وَلَا كَلَامِ الْحَوَارِيِّينَ، وَلَا إِثْبَاتُ إِلَهٍ حَقٍّ مِنْ إِلَهٍ حَقٍّ، وَلَا تَسْمِيَةُ صِفَاتِ اللَّهِ - مِثْلَ كَلَامِهِ وَحَيَاتِهِ - لَا ابْنًا، وَلَا إِلَهًا، وَلَا رَبًّا، وَلَا إِثْبَاتُ

الصفحة 470