كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 3)

وَيُؤَيِّدُهُمْ بِهِ، كَمَا يُرَادُ بِنُورِ اللَّهِ ذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النور: 35] .
فَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلْمُؤْمِنِ الَّذِي جَعَلَ صَدْرَهُ كَالْمِشْكَاةِ، وَقَلْبُهُ كَالزُّجَاجَةِ فِي الْمِشْكَاةِ، وَنُورُ الْإِيمَانِ الَّذِي فِي قَلْبِهِ - وَهُوَ نُورُ اللَّهِ - كَالْمِصْبَاحِ الَّذِي فِي الزُّجَاجَةِ، وَذَلِكَ النُّورُ الَّذِي فِي قَلْبِهِ لَيْسَ هُوَ نَفْسَ صِفَةِ اللَّهِ الْقَائِمَةِ بِهِ.
فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْعَارِفَ كُلَّمَا تَدَبَّرَ مَا قَالَتْهُ الْأَنْبِيَاءُ، وَمَا قَالَهُ أَهْلُ الْبِدَعِ مِنَ النَّصَارَى وَغَيْرِهِم، لَمْ يَجِدْ لَهُمْ فِي كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا مَا يَدُلُّ عَلَى نَقِيضِ ضَلَالِهِمْ لَا مَا يَدُلُّ عَلَى ضَلَالِهِم.

الصفحة 476