كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 3)

[فَصْلٌ: ثُبُوتُ الِاخْتِلَافِ وَالتَّغْيِيرِ فِي نُسَخِ أَهْلِ الْكِتَابِ]
وَقَدْ ظَهَرَ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ فَمَنْ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ لِسَانًا، أَوْ مَنْ هُوَ الَّذِي حَكَمَ عَلَى الدُّنْيَا جَمِيعِهَا مُلُوكِهَا وَقَسَاوِسَتِهَا وَعُلَمَائِهَا حَتَّى حَكَمَ عَلَى الدُّنْيَا جَمِيعِهَا مِنْ أَرْبَعِ زَوَايَا الْعَالَمِ حَتَّى غَيَّرَهَا، وَإِنْ كَانَ مِمَّا أَمْكَنَهُ جَمْعُهَا كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا.
فَهَذَا مَا لَا يُمْكِنُ، إِذْ جَمِيعُهَا قَوْلٌ وَاحِدٌ وَنَصٌّ وَاحِدٌ وَاعْتِقَادٌ وَاحِدٌ.
وَقَدْ ظَهَرَ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّا لَمْ نَدَّعِ تَغْيِيرَهَا بَعْدَ أَنْ صَارَتْ بِهَذِهِ الْأَلْسُنِ، وَانْتَشَرَتْ بِهَا النُّسَخُ، بَلْ لَا نَدَّعِي التَّغْيِيرَ بَعْدَ انْتِشَارِ النُّسَخِ فِيمَا لَيْسَ مِنْ كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ مِثْلِ كُتُبِ النَّحْوِ وَالطِّبِّ وَالْحِسَابِ وَالْأَحَادِيثِ وَالسُّنَنِ الْمَنْقُولَةِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ مِمَّا نُقِلَ فِي الْأَصْلِ نَقْلَ آحَادٍ، ثُمَّ صَارَتِ النُّسَخُ بِهِ كَثِيرَةً مُنْتَشِرَةً، فَإِنَّ أَحَدًا لَا يَدَّعِي أَنَّهُ بَعْدَ انْتِشَارِ النُّسَخِ بِكُتَّابٍ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا حَكَمَ إِنْسَانٌ عَلَى جَمِيعِ الْمَعْمُورَةِ، وَجَمَعَ النُّسَخَ

الصفحة 49