كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 3)

فَهَذِهِ حُجَّةٌ دَاحِضَةٌ مِنَ الظَّالِمِينَ.
وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ بَعْدُ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ:
{وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} [الشورى: 16] .
فَسَمَّاهَا حُجَّةً وَجَعَلَهَا دَاحِضَةً، وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ هُمُ الْكُفَّارُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ.
فَهُمْ يُحَاجُّونَ الْمُؤْمِنِينَ لِيَرُدُّوهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَقَالَ عَنِ النَّصَارَى:
{فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: 61] .
فَكَانَ الْكُفَّارُ يُحَاجُّونَ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى يَرُدُّوهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، كَمَا يُؤْذُونَهُمْ، فَهَؤُلَاءِ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ، وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ، وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ.
وَمُحَاجَّتُهُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ بَابِ الظُّلْمِ لَهُمْ وَالْعُدْوَانِ عَلَيْهِمْ وَقَوْلِ الْبَاطِلِ، فَأَمَرَهُ - تَعَالَى - أَنْ يَقُولَ: {لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ} [الشورى: 15] .
أَيْ لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَظْلِمُونَا، وَتَعْتَدُوا عَلَيْنَا بِحُجَّتِكُمُ الدَّاحِضَةِ،

الصفحة 71